الحصانة الاجتماعية ضد المخدرات لا تتوقف فقط على الجهد الأمني، وإنْ كان رأس الحربة في مقاومته، بل تمتد إلى التكامل في المعادلة الأمنية المتضمنة تجفيف منابع العرض والطلب؛ للوصول إلى أقل معدلات الاختراق الاجتماعي، في ظاهرة بات العالم أجمع يرفع لواء مواجهتها بجميع الأسلحة. ما أنجزته الأجهزة الأمنية نهاية الأسبوع المنصرم من إعلان ضبطيات كبيرة يطمئننا أن ثمة عيونًا ترقب وتحرس المجتمع؛ لتدفع عنه ازدهار هذه التجارة القاتلة، لكن استثمار هذه الإنجازات الأمنية يستدعي تفعيل جهود أجهزة ومؤسسات كثيرة ينبغي أن تتفاعل بالمستوى نفسه من الاستعداد والمبادرة والحذر. ويخطئ مَنْ يعتقد بأن القائمين على هذه التجارة المُحرَّمة يجهدون فقط في تأمين المخدرات لطالبيها، بل إن المتتبع لمؤامرات هذه الفئة يجزم بأن هناك أعمالاً وأنشطة مشبوهة يستهدفون من خلالها استدراج الشباب والفتيات للإيقاع بهم وبهن في براثن هذا الداء المميت، والاستحواذ عليهم لجعلهم عملاء لتغذية هذه التجارة الآثمة.
هذه الصورة المقيتة والمتشابكة في تفاعلات العرض والطلب داخل عوالم المخدرات تتطلب جهودًا حثيثة من الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد وكل مؤسسات المجتمع المدني، كلٌ في مجاله ودوره؛ لمحاصرة هذه الظاهرة وتوعية المجتمع بإخطارها، كما تتطلب نشر الوعي الاستباقي بين أفراد المجتمع؛ للتعرُّف على مظاهر الإدمان وسلوكيات المدمنين؛ للمبادرة في إنقاذ المخدوعين والمتورطين في هذه الدوامة قبل استفحال الأمر وخروجه عن السيطرة.
***