المنصفون في كل العصور لم يتجاوزوا شخصية الرسول الكريم محمد بن عبد الله نبي الرحمة دون الاعتراف بفضله وأثره العميم على الإنسانية مستلهمين نهجه - صلى الله عليه وسلم - في سماحته وهديه النبوي الذي أسس لصيغ جليلة ترسم إطار العلاقة الإنسانية بحبل متين متصل بالسماء.
اليوم وبعد اكثر من أربعة عشر قرنا يقف العالم في ظل هذا التناحر والتباغض الذي بلغ مداه بين الإنسان والإنسان أمام مراجعة حقيقية لأطر العلاقة التي أصابها الكثير من الاحتقان، فالمتحججون بالحرية في إطلاق عنان بغضهم لتصوير نبي الرحمة أو التفنن في الإساءة إليه، تحجبهم عن سماحة هديه قلوب لم تتشرب ثقافة الحسنى التي تظلل سيرته - صلى الله عليه وسلم - لكن هؤلاء أيضاً لا يختلف عن سلوكهم من يدعون الإيمان والاتباع لهدي المصطفى وهم ينتصرون بمواجهة مثل هذه التصرفات بالعدوان والإساءة إلى الأبرياء دونما جريرة سوى انهم ينتمون إلى دين آخر.. اليوم والمملكة تستضيف المؤتمر الدولي الأول لنبي الرحمة تتجه الأفئدة إلى سيرة خالدة للتعاطي الإنساني تحتاجها البشرية في ظل هذا الانقسام والاستهتار بقيم الإنسان، فالرسول الكريم الذي عاد جاره اليهودي الذي يضع في طريقه الأذى حين افتقده، الذي صبر على أذى من رجموه وأخرجوه قدم صورا جليلة لمواقف تسطرها الكرامة الإنسانية السامقه حين تنتهج منهج السماء القويم... والعالم اليوم مطالب بالانفتاح على سيرة المصطفى والنهل من معينها الذي لا ينضب في مواجهة الحصار المادي والجفاف المصلحي الذي أصاب كرامة الإنسان في مقتل، ولن تتحقق مثل هذه الفرصة الا إذا التزم المسلمون أنفسهم بمنهجه - صلى الله عليه وسلم - التربوي والإنساني في الدعوة إلى الله.. وفي مواجهة هذه الهجمات الحاقدة لا العارفين بالسيرة النبوية العطره التأكيد بأن الدفاع عنه - صلى الله عليه وسلم - لا يستقيم سوى بالامتثال بنهجه..
***
