|
لعلي بن محمد فلسفة خاصة في الغناء والأداء واختيار الكلمة وله فلسفة أخرى في الحضور والاختفاء وحالات من (الكسل).. علي بن محمد الفنان الذي شرب حتى (الثمالة) من الدان العدني والصنعاني والموروث الجنوبي، وعاش في غرب الجزيرة واستقر في شرقها، يعرف جيداً ويؤمن بأن الأغنية (لغة) يتحدث بها كل يوم، حتى أجاد مخارجها وحركتها واستقرارها، بل هو من الفنانين الذين أضافوا للأغنية غير تذوقها ب(السمع) فأضاف لها (الرائحة).
يسعدك كثيراً أن تستمع لعلي بن محمد وهو يغني، ويغضبك في ذات الوقت كسله (المتناهي) رغم أنه يمثل حالة فنية تستوجب الحضور الدائم ل(التعقيم) الفني بدل كل هذا الصراخ والغثاء الفني حولنا.
في الساحة الفضائية العربية امتد (طوفان) النشاز، وانحسر كثيراً أهل الطرب والكلمة الجميلة.. وفي الخليج تقل هذه المعادلة، لكن علي بن محمد يؤمن أنه لم يعد للفن وطن، وأصبح من واجباته أن يرضي كل من يعرفون (لغته) في شرق الكون وغربه.
مما يمتاز به علي بن محمد أيضاً اختياره لموضوع أغنيته، فلم تعد الأغناني تحتمل المعنى المتداول حول الحب والخيانة وألم الفراق، فانتصر (علي) للأغاني الوجدانية التي تعبّر عن مستمعيها وهي الأغاني التي ظُلِمَتْ كثيراً حتى انبرى لها منتصراً ونجحت معه وبه حين امتزجت بصوته.
نرغب من علي بن محمد حضوراً أكثر بهجة، ونرغب أيضاً في إحساسه حتى لا يطمره أهل النشاز ويختفي في زحمة الحاضرين الذين آذوا جسد الفن بما قلَّ وزنه ورخص ثمنه، وليترك الكسل جانباً فما زال في صوته لون الجبل وصوت الماء.