ذكرت معظم الصحف خلال الأسبوع المنصرم بأن عددا من مناطق المملكة قد شهدت أزمة شعير تنوعت بين ارتفاع خيالي في أسعار الشعير بسبب قلة المعروض من قبل الموردين، حيث لوحظ تفاوت الأسعار بين الموردين وبين الجمعية التعاونية، حيث وصل سعر الكيس لدى الجمعية التعاونية 28 ريالا، بينما يبيعه المورد بسعر 43 ريالا أو أكثر، مع شح الكميات المعروضة، وقد نشرت صحيفة الجزيرة (الجمعة 15 شوال) بأن عددا من تجار وموردي الشعير قد عمدوا إلى التحفظ على الكميات الموجودة لديهم، وأنهم توقفوا عن البيع انتظاراً للمزيد من الارتفاع في أسعار الشعير. الغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من شدة العقوبات التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر قبل ستة أشهر (أبريل 2010) وذلك بحق موردي وتجار الشعير المتجاوزين، إلا أن هناك تماديا من قبل هؤلاء التجار. لقد جاء قرار مجلس الوزراء مؤكداً على عدم تجاوز هامش الربح لكيس الشعير عن 4 ريالات، كما جاء القرار مؤكداً على تولي أمراء المناطق التنسيق مع الجهات المعنية والإشراف على إقامة حملات تفتيشية على جميع مخازن الشعير بها واتخاذ ما يلزم في حال اكتشاف مخالفة، كما تضمن قرار مجلس الوزراء حرمان الموردين من صرف الإعانات المستحقة لهم وإيقافهم عن الاستيراد مدة لا تقل عن ستة أشهر في حال تخزينهم للشعير وامتناعهم عن بيعه، وكذلك الحال بالنسبة للموزعين، إضافة لذلك فقد تضمن قرار مجلس الوزراء التشهير بمرتكب المخالفة من موردي وتجار الشعير في ثلاث صحف وعلى نفقتهم الخاصة.
والسؤال المطروح، إذا كان هذا القرار لمجلس الوزراء قد صدر نتيجة للارتفاعات التي شهدتها أسواق الشعير في عدد من مناطق المملكة وذلك خلال شهر مارس الماضي من العام الجاري (2010)، فماذا ستتخذ وزارة التجارة حتى تتمكن من التصدي للارتفاعات في أسعار الشعير التي تضرر منها المواطنون مؤخراً نتيجة للارتفاعات الحادة وفي عدد من مناطق المملكة. فهل سيتم تطبيق تلك العقوبات على الموردين والتجار المخالفين أمثال هؤلاء والذين لا يترددون في الإضرار بالمواطنين؟. لماذا لا تضرب وزارة التجارة بيد من حديد وتعمل على تطبيق تلك العقوبات التي تضمنها قرار مجلس الوزراء وفي حدودها العليا حتى تتمكن من القضاء على تكرار مثل تلك الجرائم الاحتكارية.
سبق أن كتبت، ومن خلال هذه الزاوية عشرات المقالات وطالبت - كما فعل الكثير غيري من الكتاب - وزارة التجارة باتخاذ أقصى العقوبات والكفيلة بعدم قيام التجار بتكرار ممارساتهم الاحتكارية، والكف عن مختلف جرائم الغش التجاري والتي تعج بها الكثير من أسواقنا التجارية، كما طالبنا وزارة التجارة بأن تتعامل مع تلك الجرائم على أنها جرائم موجهة ضد المجتمع بأكمله، خاصة بعد صدور عدد من القرارات لمجلس الوزراء والتي تحذر التجار من ارتكاب جرائم الغش التجاري وغيرها من الجرائم الاحتكارية.