نعم.. أشخاص رزَّتهم الدراهم.. وأصبحوا لا يرون الناس شيئاً..

ولست هنا لأتحدث عن رجال الأعمال أو التجار عموماً.. ولكني أتحدث عن إنسان بسيط يعمل في وظيفة بسيطة.. دخل عالم العقار فتحول إلى (مليونير) وهو لا يجيد حتى قراءة الأرقام.

أتحدث عن هذه النوعية التي قفزت فجأة في عالم المال بدون جهد.. بل هو مجرد عبث في عالم العقار.. الذي يزيد في اليوم والليلة (50%) ولم ولن يوقفه أحد.. وسيظل يزيد ويقفز إلى أن يصل المتر السكني (30) ألف ريال.. وربما أكثر. ولم ولن يقول أحد.. أنها فقاعة صابون.. حتى يهوي كما فعلوا في سوق الأسهم.

فقاعة صابون سوق العقار.. صنعت أكثر من مليونير وملياردير.. وأصبحت أصولهم العقارية في بحار الملايين والمليارات.. لأنها تضاعفت.. لا أقول.. عدة مرات.. بل عشرات المرات.. وأصبح بعضهم يملك مئات الملايين وهو لم يتخلص بعد من (أبو غمارتين) الذي أخذه بالتقسيط غير المريح.. وبعضهم ما زالت عدة المبسط خلف مرتبة أبو غمارتين.. وآخر ما زال يحمل معه شنطة التعقيب التي كانت تمتلىء بالجوازات والإقامات ورخص العمل.. واليوم في شركات ( يخابطون) بالملايين.

سوق العقار.. هذا المخيف المريع.. الذي يقفز كل ليلة.. صنع هؤلاء.. ووسع الهوة بين الضعفاء والفقراء وبين طبقة الأغنياء (القدامى والجدد)!!

أناس كان عملهم (يصبون) القهوة في مكتب عقار.. أو عمله موظف مع تاجر عقار.. وأصبح اليوم.. يملك عشرات ومئات الملايين.. ويتحدث عن أرقام مذهلة.

اليوم.. صار هذا الصنف.. يقال له (شيخ) ويذبح له الحواشي قبل الخرفان.. بل ويفتح له باب السيارة.. ومرة أخرى (الله لا يعاقبنا)..

هذا ما صنعه سوق العقار.. الذي ترهل وتضخم.. والجهات المسؤولة.. تصفق له بقوة.. وتصنع الأنظمة واللوائح الجديدة.. التي تكفل له هذا التضخم.. وتضمن له.. المزيد من الارتفاع غير المحسوب.

اليوم.. (سوق العقار) أشبه بأفلام الخيال.. أراض كانت بالأمس سعرها كاملة بـ(15) ألف ريال.. واليوم.. سعر المتر ألف ريال.

اليوم وفي كل بلدان العالم.. مؤشر العقار يتراجع بقوة.. حتى وصل في بعض البلدان إلى (90%).. وأحسن البلدان.. تراجع (40%) ونحن مؤشر العقار لدينا.. يعلن ارتفاع (1000%) ألف في المائة وأكثر من ذلك.. وما زال يسجل ارتفاعاً مجنوناً.

من يوقف هذا الارتفاع المجنون؟

وهل هناك إرادة فعلية لوقف هذا التضخم؟

أين الجهات المسؤولة.. التي صفقت بقوة لسوق الأسهم يوم انهار قبل أن تسعى لتفخيخه بالتصريحات النارية والوعد والوعيد الشديد؟

هل ما يجري في سوق العقار صحي ووضع طبيعي؟

وهل ذلك من مصلحة الوطن والمواطن؟!

اليوم.. تدور بين المخططات.. وبدلاً من أن نشاهد الأرض للبيع.. تجد لوحات بالعشرات (الأرض مطلوبة).

لماذا؟!

ذلك أن الأنظمة واللوائح الجديدة.. حاصرت العقار.. وحاصرت المخططات الجديدة.. ووضعت القيود والعراقيل والتعليمات الجديدة مما حاصر المعروض وقلل من الأراضي المعدة للبيع حتى طارت الأسعار بهذا الشكل.

بلدنا صحاري.. ليس لها حدود.. ومساحات تمضي الطائرة أربع ساعات قبل أن تقطع الوطن.. من شماله لجنوبه.. فكيف ضاقت الأرض.. ووصل سعر المتر في بعض الأماكن (السكني) إلى خمسة آلاف ريال.. بعد أن كانت قبل سنة بـ(500) ريال؟!

أين الجهات المسؤولة؟

وأين مجلس الشورى..

هل هذا الوضع صحيح؟!!