الأمن والتنمية، الخزن الإستراتيجي، التنمية الزراعية، المياه، النمو السكاني غير المنضبط، وأثره السلبي في مشروعات التنمية، والخدمات المقدمة؛ إضافة إلى تنويع مصادر الدخل من خلال استثمار فوائض الإيرادات النفطية في قطاع الصناعة، الزراعة، والاستثمار المتعدد، شكلوا محاور المقالات السابقة التي تَنَاوَلَت البعد الإستراتيجي الذي يمكن أن يُحقق مزيداً من المنعة والاستقرار، والتطور والازدهار لوطننا الغالي في يومه المجيد.
أختم اليوم بالمجالس التي يفترض أن تكون مسؤولة عن مناقشة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضع التشريعات، ضبط الأداء، اقتراح المشروعات، تحقيق العدالة التنموية، وتقويم الأخطاء؛ بدءاً من مجلس الشورى، مروراً بمجالس المناطق، وانتهاءً بالمجالس المحلية والبلدية.
لتلك المجالس دور رئيس في خطط التنمية، ومراقبة الأداء، وتقييم المخرجات، ووضع أمنيات وتطلعات المواطنين موضع التنفيذ. فمجلس الشورى، وكما جاء في النظام، له الحق في «مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ ومناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها»..
مناقشة الوزراء تحت قبة مجلس الشورى لا تعني بالضرورة تقصيرهم أو توجيه اللوم لهم، بقدر ما هي وسيلة ناجعة لعرض الحقائق والتباحث فيها من أجل تحقيق المصلحة العامة. مجلس الشورى قادر على ضبط أداء الوزارات، وتحقيق المشاركة الفاعلة في إنجاح خطط التنمية، وهو عين ولي الأمر، وأداته الفاعلة في تقويم الأداء وضبطه وفق الخطط التنموية المقرة، والإستراتيجيات المقترحة. استشعار الوزراء، ومن في حكمهم، بدور المجلس ستساعد كثيراً في تقويم الأداء، خفض الأخطاء، تحقيق الكفاءة، وتنفيذ مشروعات التنمية وفق الخطط الموضوعة، وتطلعات ولي الأمر.
مجالس المناطق لم تصل بعد في أدائها المستوى المأمول في الجانب التنموي؛ فإستراتيجيات التنمية المناطقية تحتاج إلى كثير من الجهد والعمل المضني لتلافي القصور الخدمي الذي يؤثر سلباً في حياة المواطنين؛ أما الجانب الرقابي فلم يصل بعد حد الكفاءة القادرة على وقف الهدر، وسوء التنفيذ، فالإدارات الحكومية، ومشروعات التنمية تحتاج إلى رقابة فاعلة لضمان حسن الأداء. مجالس المناطق تحتاج إلى صلاحيات أوسع في جانب إقرار المشروعات التنموية المهمة التي تحتاجها مناطقهم، فهي أكثر قدرة على اكتشاف الحاجات الملحة، وجدولة المشروعات، وتوزيعها بعدالة داخل المدن والقرى، عطفاً على ما يُرفع لها من المجالس المحلية. المركزية في إقرار المشروعات بمعزلٍ عن توصيات مجالس المناطق، وعدم إعطائها صلاحيات أوسع في جانب الموازنة المالية، يُضعف من قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة منها. تحمل المسؤولية يحتاج إلى صلاحيات واسعة يمكن من خلالها وضع خطط المجلس موضع التنفيذ.
المجالس المحلية ربما كانت أكثر معرفة باحتياجات المحافظات، وأداء الإدارات، ومواضع القصور ما يجعلها قادرة على تحقيق المشاركة الفاعلة في خدمة الوطن وتحقيق أهداف التنمية، إلا أنها ما زالت عاجزة عن المساهمة الإيجابية في خطط التنمية، اقتراحاً ورقابة. تفعيل دور المجالس المحلية، وإعطاؤها صلاحيات أوسع، ورصد ميزانية تنموية لها قد يساعد كثيراً في تحقيقها الأهداف الوطنية.
أما المجالس البلدية فيبدو أن التطوير الأخير المزمع إدخاله عليها قد يساعد في تحقيق الهدف الأسمى الذي أنشئت من أجله. أعتقد أن تفعيل الجانب الرقابي على أداء البلديات، واقتراح المشروعات البلدية ومراقبتها هو ما تحتاجه المجالس البلدية في الوقت الحالي. مزيداً من الصلاحيات الرقابية المنضبطة قد توقف الكثير من الهدر المالي في موازنة البلديات، وتحقق الكفاءة في تنفيذ المشروعات، وتجعل الأعضاء مسؤولون مسؤولية تامة عن ضبط تنمية محافظاتهم بما يحقق المصلحة الوطنية العامة.
حمى الله وطننا من كل سوء، وأدام عليه نعمة الأمن والأمان، والاستقرار والازدهار، ووفق الجميع إلى ما فيه الخير والسداد،
(*) F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM