إنّ الاستثمار في المجال الطبي رغم حاجة المجتمع إليه وكونه يبدو مغرياً للمستثمر، نظراً لأنه ملموس ومشاهد، وكثير من المستثمرين يهتم (بالزحمة)، وأنّ هذا المركز أو المستشفى أو ذاك (عليه رجل)، ولذا تجده يندفع من غير تقييم حقيقي للتجربة أو تهيئة كافية من النواحي اللوجيستية والتقنية، ناهيك عن وجود النفس الطويل لمثل هذه الاستثمارات طويلة الأمد، لذا نجد الكثير من المشروعات الصحية تتعثّر بعد انطلاقها بفترة، وذلك لنوع المستثمر، وفي الغالب غير المهني الذي يسعى لجني الأرباح فقط، وهذا يؤدي إلى مشاكل كبيرة في هذه المشروعات الحيوية، مما جعل الكثير من المهنيين (الأطباء) تحت رحمة بعض المستثمرين الجاهلين، وأصبح التقدم باتجاه جيد للخدمات الطبية معوقاً والأنظمة الحالية قديمة وليست مشجعة للمهني كي يستثمر، بعيداً عن هذه المعوقات. ومن الأمثلة الصارخة لذلك، اشتراط تملك الأرض للحصول على قرض وزارة المالية للمستشفيات المحدود أصلاً، مقارنة بالمشاريع الصناعية التي لا يشترط التملك فيها للأراضي، فهي أراضٍ مستأجرة وكذلك قيمة القروض لا تقارن، فإذا علمنا أنّ المستشفيات تعتمد على الكثافة السكانية، وفي الغالب الأراضي المستهدفة لإقامة المستشفيات تكون غالية الثمن، وهذا سوف يؤثر على العائد من الاستثمار في المشروع، مما يجعل المهني لا يقدم على هذا الاستثمار، بل يضطر إلى ما ذكر سابقاً، مما يؤثر على إمكانية ولادة مشاريع رائدة مميزة تُدار بطريقة مهنية مطوّرة تجلب التقنية، وليس مجرّد صورة طبق الأصل للسائد.
إنّ البيئة الاستثمارية للمشاريع الصحية ليست مشجعة لمن يريد أن يحُدث تغييراً تطويرياً، فلدى الكثير من المهنيين أفكار جبارة لا يمكن تطبيقها في المرافق العامة لعدة أسباب أقلّها غياب الحافز، لذا الحافز المادي ربما أجدى ولا يمكن إلاّ أن يكون ربحياً على شكل مشروع، وليست المشاريع تقاس بالحجم، بل مما ينتج عنها من فائدة مرجوّة، فما زال الطب العام هو فارس الميدان، أما المتخصص نظراً لزيادة تكلفته يولد إما مريضاً أو ميتاً.