تحية.. وبعد:
فأشير إلى ما كتبه الأستاذ جاسر الجاسر بالعدد 13870 في زاويته «أضواء» تحت عنوان (صانعو الكراهية)، وقد تحدث الأستاذ جاسر عن أولئك الذين ينتحلون شخصية رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بأيديهم ويقولون للناس نحن رجال الهيئة، فيتدخلون بأيديهم فيضربون هذا ويغلقون المحل الفلاني ويستجوبون ذاك إلى آخر تلك التجاوزات.
لست هنا أتحدث باسم جهاز الهيئة فلجاهز الهيئة من يتحدث عنه، لكنني هنا أتحدث بلسان المواطن الغيور على دينه وعلى وطنه وعلى مجتمعه وعلى مؤسسات مجتمعه؛ ومنها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فالهيئة ليست جداراً قصيرا يتسوّره من يتسوّره متى ما شاء وكيف ما شاء، لذا لا بد من وضع ضوابط رادعة لمن ينتحل شخصية رجال الهيئة؛ فكما أن هناك ضوابط وإجراءات رادعة لمن ينتحل شخصية رجال الأمن، فلابد من إيجاد ضوابط مماثلة لمن ينتحل شخصية رجال الهيئة، وكما أن لنا نحن المواطنين والمقيمين حقاً وهو أن نسأل من يقول بلسان حاله أو مقاله (إنني من رجال الهيئة) عن ما يثبت لنا صحة قوله فنحن نعلم جميعاً أن لكل موظف بطاقة تثبت أنه ينتسب إلى جهة عمله، فمن حقنا على من يقول إنه من رجال الهيئة أن يثبت لنا ذلك بأن يبرز لنا بطاقة تثبت لنا صدق قوله، أما أن نترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب أن ينتحل صفة رجال الهيئة فهذا فيه تشويه لسمعة رجال الهيئة الذين أعرف تمام المعرفة أنهم لا يتحركون إلا وفق نظم وتعليمات رسمية, كما أن فيه إتاحة فرصة لمن يريد أن يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده وهو ليس من رجال الهيئة.. فلو أن ذلك كان متاحاً لكانت الفوضى العارمة ولاختلط الحابل بالنابل ولبغى بعضنا على بعض؛ وهذا بذاته منكر يفوق المنكر الذي ترتب على إنكاره تلك الفوضى وذلك البغي, فحق الإنكار باليد هو لولي الأمر فقط أو من يوليه ولي الأمر تلك الولاية الهامة والحساسة جداً, أما اللسان فكلنا نملك ذلك، ولو لم نكن رجال هيئة فالتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -وفق الضوابط الشرعية- دون استخدام اليد من حق المسلم على المسلم وهو الدرجة الثانية من درجات إنكار المنكر، أما الدرجة الثالثة وهي الإنكار بالقلب فلا يعذر أحد منا عن العمل بها لأنها أضعف الإيمان.
وكل غيور على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حين يطالب بحماية شخصية رجال الهيئة وخصوصاً أن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركزت في سنوات مضت ولا تزال تركز وهي تحت قيادة معالي الرئيس العام الشيخ عبدالعزيز الحمين على الرفع من أداء رجالها عموماً والميدانيين خصوصاً، أقول حين يطالب المواطن بذلك فهو يؤيد ذلك التوجه الرائع من قبل رئاسة الهيئة في مجال التدريب غير أن هذه الجهود الرائعة في مجال التدريب إن لم تتبع بحماية شخصية رجال الهيئة فلن تؤتي تلك الجهود ثمارها لأن ليس من معقول أن تدرب وتصقل قدرات ومواهب رجال الهيئة على سبيل المثال في التعامل مع الجمهور، ويأتي من يشوه صورتهم بإدعاء كاذب حيث يقول إنه منهم وذلك من خلال تصرف غير مسؤول، وحينها تذهب جهود التدريب أدراج الرياح وهنا يحلو الصيد لهواة الصيد في الماء العكر، الذين ينسبون التصرفات الهوجاء لأولئك المتطفلين على رجال الهيئة أنها تصرفات لرجال الهيئة، وإن تعجب فعجب فعلهم، الهيئة تبني وهؤلاء المتطفلون عليها من خلال انتحال شخصية رجالها يهدمون، ويا ليت شعري ما قاله الشاعر:
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذاكنت تبنيه وغيرك يهدم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,