لم أتعود الصوت الحزين من الدكتور الإعلامي محمد بن عبدالله العوين عندما هاتفته معزياً بوفاة أخيه مربي الأجيال الأستاذ الفاضل عبدالرحمن بن عبدالله العوين -رحمه الله- وابن أخيه الطفل عمر بن عبدالرحمن العوين -رحمه الله- البالغ من العمر ست سنوات في حادث سيارة أليم وشنيع بطريق الحوطة إلى الرياض، بل وتم نقل زوجته وبقية أبنائه إلى المستشفيات للعلاج لما عانوه من كسور ورضوخ شديدة، شفاهم الله وصبرهم، حقاً إنه مصاب جلل ونكبة مفجعة وخسارة كبيرة..
لكن بالرغم من ذلك كانت نبرات حزن الدكتور محمد العوين -يحفظه الله- مليئة بالرضا التام لقضاء الله وقدره سائلاً المولى عز وجل أن يتقبلهم شهداء، وأن يجعل الطفل شفيعاً لوالديه ومحتسباً فقدان أخيه الغالي الأستاذ عبدالرحمن العوين وابن أخيه الطفل عمر، عند الله سبحانه خير احتساب.
الفقيد عبدالرحمن العوين -رحمه الله- أستاذ فاضل ورجل من أنبل الرجال؛ فقد امتلأ المسجد تماماً بجموع المصلين وامتلأت المقبرة بحشد من المعزين لما كان عليه الفقيد من حسن الخلق وطيب المعشر وجمال الروح وطيبة النفس؛ فهذا ما يتمناه كل إنسان أن يذكره الناس بالخير وأن يدعو له في حياته ومماته، فهنيئاً للفقيد بهذا الحب الكبير من الناس.. فليرحمك الله أيها القلب الطيب وليجمعك بطفلك البريء عمر في جنات النعيم؛ فما كنتم سوياً في الدنيا وتوفيتم سوياً رحمكما الله أن تكونوا سوياً بإذنه تعالى في روضة من رياض الجنة.. حقاً إن العين لتدمع والقلب ليتفطر لمصاب آل العوين الجلل لكن عزاءنا هو محبة الناس ودعواتهم للفقيدين بالرحمة والمغفرة.
أما أخي الأكبر سناً وقدراً الدكتور الكاتب محمد العوين، فصبراً يا أبا مشعل..
صبراً يا صاحب القلب الكبير..
صبراً يا صاحب القلم النبيل..
فحبر قلمك بإذن الله لن ينضب وستستمر بعطائك الثقافي الناضج المبدع.. فأنت رمز كبير من رموز الإعلام العربي والسعودي.. وكاتب مخضرم نبيل.. وشخصية لن تكرر.. حفظك الله.
نعم، فقدان الأحبة الأبدي صعب للغاية.. لكن عزاءنا يكمن بذكراهم الحسنة والدعاء لهم ولأموات المسلمين، وأن يجمعنا معهم في جنات النعيم، وعزاؤنا لآل العوين الكرام وأهل الحوطة الأعزاء.. أهل العلم والرجولة.. بصفات فقيدهم التي تنم عن خلق رفيع أحب الخير وأحبه الناس، وعزاؤنا لأبنائه الميامين من بعده.
اللهم ألهمهم الصبر والسلوان وعظم الله أجركم.
خاتمة
من شعر الشافعي رحمه الله:
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلاً على الأهوال جلداً
وشيمتك السماحة والوفاء
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كل حين فما
يغني عن الموت الدواء
فادي بن إبراهيم الذهبي -إعلامي – جدةfthahabi@otmail.com