وسط أجواء بالغة الأسى والحزن ودعت الرياض الشيخ القاضي عبدالرحمن بن عبدالعزيز القفاري رئيس المحكمة المستعجلة بالرياض سابقاً، وذلك في منتصف شهر شوال لعام 1431هـ. ومن مقتضى الوفاء للفقيد أستعرض بعض المتفرقات من سيرته وجوانب من حياته لتكون مثالاً لجيل سابق وقدوة للجيل اللاحق.

كانت ولادته في بريدة، وذلك في منتصف القرن الرابع عشر، وكانت نشأته في مجتمع متماسك ملتزم بالقيم والمثل والعادات الكريمة، فنشأ مع والديه فحببا إليه مكارم الأخلاق وحرصا على تعليمه في صغره فدرس في جامع بريدة الكبير؛ فهو ممن أظلتهم أروقة هذا الجامع يوم أن كانت حلقاته العلمية من أظهر ملامح هذه المدينة، فكم عرفت حصيات هذا الجامع صحيحي البخاري ومسلم وأضراباً من التضلع بالدين وعلومه، وفي وسط هذا المناخ العلمي درس على قاضي القصيم الشيخ عمر بن سليم والشيخ عبدالعزيز العبادي والشيخ عبدالله بن حميد -رحمهم الله- فلما افتتح المعهد العلمي ببريدة كان من أول الدارسين به فلما اشتد عوده الفكري والجسدي يمم وجهه نحو الرياض حاملاً معه طموحه ليواصل مشواره في كلية الشريعة بالرياض، فتلقى العلم فيها على يد الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبدالرزاق عفيفي فتخرج منها عام 1381هـ ثم التحق بالمعهد العالي للقضاء وسجل بحثه بعنوان (نظرية القصاص) وكان يتسم بالجد والمثابرة، فمع دراسته النظامية كان يطلب العلم على كوكبة من العلماء، من أبرزهم سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمهم الله.

بعد تخرجه تولى التدريس في المعهد العلمي بالرياض، ثم انتقل إلى التفتيش القضائي بوزارة العدل ثم تولى القضاء عام 1390هـ في المحكمة الكبرى بالرياض، ثم أصبح رئيساً للمحكمة المستعجلة بالرياض برتبة قاضي تمييز حتى أحيل للتقاعد عام 1431هـ.

وصفه الشيخ عبدالله الدويش بأنه كان يتصف بصفات منها نصرته للمظلوم وردعه للظالم مع تمتعه بقوة الشخصية والفطنة وحدة الذكاء مع تواضع لا يشينه ومزاولة له في الحسبة.

رحم الله شيخنا القفاري، وأبدله الله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وبرد الله مضجعه وأمطر عليه شآبيب رحمته.

عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي -مدير دار النفائس والمخطوطات ببريدة__________________________________

المراجع:

تاريخ القضاء والقضاة في العهد السعودي - الزهراني

فقهاء بريدة آثار وأخبار - البريدي