فكرة مراكز الأحياء من الأفكار الرائدة التي تحتاج إلى جهود صادقة لتفعيلها، وقد رأيت صورة جميلة لتفعيل هذه المراكز من خلال مركز حي الازدهار في الرياض، وهو الحي الذي أقطنه منذ أكثر من عشرين عاماً؛ فللمركز جهود طيبة يقوم عليها عدد من الإخوة الكرام، وقد أقمتُ أمسية شعرية نظَّمها المركز في قاعة المحاضرات في مدارس (منارات الرياض) الواقعة في الركن الشمالي الشرقي من الحي، ويحرص المركز على إقامة مناشط متعددة كالندوات والدورات التدريبية والنشاط الرياض.
أما مركز حي الحمراء في مكة المكرمة فهو صورة مشرقة من صور العطاء المتعددة، ولوحة مضيئة من لوحات النشاط المتجدِّد.
يقوم على نشاط هذا المركز رجل الأعمال يوسف الأحمدي صاحب الأفكار الإبداعية المتطورة جداً في تطوير المسجد الحرام وما حوله، وتطوير المشاعر، بل وتطوير حدود الحرم في مكة المكرمة بكاملها التي تتجاوز مساحتها الإجمالية خمسمائة مليون متر مربع، ولم يُستثمر منها إلا نحو 22 % حسب قول (يوسف الأحمدي).
بدأت علاقتي بمركز حي الحمراء في مكة المكرمة قبل رمضان الماضي حينما وجَّه إليَّ أبو ياسر دعوة لإقامة أمسية شعرية في الثالث عشر من شهر رمضان، وكنتُ متجهِّزاً لذلك، ولكن اختلاف وقت التنسيق حال دون حضوري، وشاء الله سبحانه وتعالى أن يكون اليوم العاشر من شهر شوال هو اليوم الذي أقيمت في مسائه الجميل الأمسية التي اخترت لها عنوان (وقفة أمام بيت النبوة)، وألقيت فيها قصائد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيته الطاهر وآل بيته الأخيار وزوجاته الطاهرات الكريمات، وفيه ألقيتُ قصيدة (أمام حجرة عائشة رضي الله عنها) لأول مرة، وهي التي نُشرت في هذه الجريدة يوم الجمعة 22-10-1431هـ.
مركز حي الحمراء يشرف عليه مباشرة يوسف الأحمدي، ومعه عدد من الرجال المتفاعلين، حتى أصبح مركزاً متميزاً يستحق أن يشاد به، وأن يستنسخ له نظائر في مدن المملكة جميعها.
قاعةٌ كبيرة أنيقة أقامها (يوسف الأحمدي) بجوار منزله لإقامة اللقاءات العامة والخاصة بأهل الحي، ولهم جلسة أسبوعية بعد صلاة الجمعة يتداولون فيها شؤون الحي واحتياجاته، ويعالجون فيها ما يجد من قضاياه ومشكلاته، ويتعرفون من خلالها على كل جديد يجري خلال أيام الأسبوع في حي الحمراء؛ فيسهمون إسهاماً كبيراً في رفع مستوى التعامل والعلاقة بين سكان هذا الحي، وتلك - كما نرى - رسالة عظيمة يقومون بها في رعاية الحي وساكنيه، وهي تنفيذ لمعنى (الأقربون أولى بالمعروف)، ولمعنى رعاية الجار التي أوصانا بها الإسلام.
كانت أمسية رائعة بالنسبة إليّ، التقيت فيها عدداً من سكان حي الحمراء، وبعضهم من جماعتنا من قرية عراء في الباحة، وعدداً من أساتذة جامعة أم القرى الفضلاء، وفي مقدمتهم معالي مدير الجامعة د. بكري عسّاس، وسعادة الأستاذ الفاضل د. هاشم حريري وكيل الجامعة سابقاً، والدكتور صديق الطفولة عبدالرحيم بن علي الحمود الغامدي، وعدداً من الإخوة الكرام والمشايخ الفضلاء، ومنهم الصديق محمد الموجان الذي أهداني كتابه الثمين جداً عن تاريخ الكعبة المشرفة، سأحدثكم عنه في مقالة قادمة - بإذن الله - وأخوه الشاعر عبدالرؤوف الذي أصدر كتاباً بعنوان (ديوان عمر بن الخطاب رضي الله عنه) تضمن أقوالاً رائعة لهذا الخليفة الراشد الذي تخرج في مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الشاعر صالح القرشي فقد أعاد إليّ ذكرى إنشاد الشاعر العربي القديم للشعر إنشاداً وليس إلقاء حينما أنشد قصيدته في تعظيم حرمة مكة بصوته الرخيم.
قدَّم الأمسية الأستاذ عبدالرحمن بن حمود بن مهدي الغامدي، وهو من أبناء قرية عراء (مسقط رأسي)، واعذروني إذا أكثرت من ذكرها؛ فأنا - كغيري - شغوف بمسقط الرأس لما فيه من الذكريات التي لا تُنسى.
ماذا أقول لأخي الكريم (يوسف الأحمدي) غير كلمة (جزاك الله خيراً) على كل ما تقدم، وعلى دعوتك لي، وإدخالك السعادة على قلبي بهذا اللقاء المبارك.
بقي أن أقول: إن همّ تطوير مكة المكرمة هو الشغل الشاغل لأبي ياسر؛ فقد شرح لنا على المجسم الكبير الموجود في منزله الخطط التي يراها لتطوير هذه المدينة المباركة، وهي خطط متطورة جداً ضمن مشروع كبير تبناه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز، ويدعمه دعماً قوياً صاحب السمو الملكي الأمير (خالد الفيصل) كما صرح بذلك يوسف الأحمدي في أكثر من لقاء.
ما أجمل أن تحظى الأحياء في مدننا الكبيرة والصغيرة بمثل هذا العطاء المبارك.
إشارة
صوتي لصوتك يا قلبي الحنون صدى
فاهتف بلحن الرضا واجعل أساك فِدَى