إذا أردت أن تتأكد من التحول الذي عاشته بلادنا فَتَلَفَّت قليلاً الى الماضي.. اذهب إلى الصحراء وتخيل قطعان الماشية وقوافل الإبل، وجفاف الأراضي وقلة الماء ونخلات تناثرت هنا وهناك، وقبائل تشكو العوز والفاقة ولا تفتر تغزو لتعيش.. واشكر الله كيف حوَّل الملك عبدالعزيز القائد الفذ الأمة إلى أمة قوة حديثة.. نفضت عن نفسها غبار الجهل والتخلف.
اشكر الله؛ فلم يكن ذلك المشهد بعيداً، ولا تشحذ الذهن لتستدعي قوافل الذكريات.. ثمانون عاماً فقط هي كل زمن التحول والتغيير.. اشكر الله كم هو عمر الحضارات والشعوب.. وكم هو عمر هذه البلاد.
شكراً لله الوطن أقوى، بمكانة المملكة الإسلامية، ووجود مكة والمدينة وخدمة البيتين.. وشكراً لله أن خصنا بنعمه الظاهرة والباطنة؛ فقد اكتشف البترول، وعم الخير وأينعت وأزهرت البلاد.
شكراً لله فالوطن أقوى، بسياسة دولتنا الحكيمة التي صنعت مجداً وثقلاً دولياً.. شكراً لله فلم يستطع أحد أن يجرنا لاتخاذ موقف يضر بمصالحنا.. وشكراً لله فليس لأحد فضلُ علينا.. نحن المتفضلون على الآخرين بلا منة؛ ففي كل المواقف كنا النصير والمعين.. شكراً لله أننا دوماً أكثر وفاءً بالعهود والمواثيق وأصلب في الرأي والعزيمة.. فلا نخضع للابتزاز ولا نلين أمام استمالة الأقوياء.
شكراً لله فالوطن أقوى ولا يدخل في مزايدات وشعارات، ولا يضع نفسه على منصات الصخب والتطاول، ولا يلتفت للمهاترات، ولكنه يصنع المواقف والأحداث.
شكراً لله فالوطن أقوى وكل الذين راهنوا على سقوط البترول، وتدهور أسعاره فشلوا؛ إذ فاجأهم وتصاعد سعره.. وجنت البلاد خيراً.. فسوت البلاد ديونها بعد أزمة الخليج وأنعشت برامجها.. ونمَّت اقتصادها.. وزادت في رفاهية شعبها.. شكراً لله.. نحترم أنفسنا فيحترمنا العالم.. فنصنع ثقلنا من تعاملنا.. فلا تهزنا الرياح بل تصنع منا الصلابة والقوة.
شكراً لله فالوطن أقوى.. فقد انتصر الوطن على الإرهاب، وأخذ الله أصحاب الضلال وضّيقي الأفق.. وشكراً لله أن حوّل الإرهابُ الوطنَ إلى لحمة وتآلف.
دائماً يا موطني موضع العظمة والقوة.. ودائماً يا موطني في أبهى الحلل.. وكل عام والوطن أقوى.
* مستشار التنظيم وتطوير المنظمات كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز