|
جدة - صالح الخزمري :
أصدرت أمانة سوق عكاظ كتيباً تعريفياً بعنوان: (سوق عكاظ.. عنقاء جزيرة العرب)، بمثابة هدية تذكارية توزعها إدارة السوق على ضيوفها وفائزيها، خصوصاً وأنه أعد وطبع ونفذ في 100 صفحة من الطباعة والتغليف الفاخر الاحتفائي، ويحتوي على موضوعات مختلفة تؤرشف للسوق وتعرف به منذ نشأته قبل ألفي عام وحتى سنة 129هجرية عندما توقف مع حروب الفجار، ثم مع انطلاقة مرحلته الراهنة، لا سيما خلال الدورات الثلاث الماضية التى رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أيده الله، وافتتحها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرّمة، نيابة عن العاهل الكبير حفظهما الله بدأً من عام 1428هـ. والعامين التاليين.
الكتيب أشرفت عليه أمانة اللجنة العليا لسوق، وحرِّره مؤرخون وأكاديميون، بالمشاركة مع المحترف السعودي وتم تقسيمه إلى سبعة فصول، وحيث جاء في مقدمته: أنه لا يمكن أن يُكتب في سوق عُكاظ وإحيائها، إلا ويُذكَر صاحب الفضل الأول في إحياء السوق واكتشاف موقعه الحقيقي، المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز، يرحمه الله، ثم صاحب السموالملكي الأمير خالد الفيصل.
وفي الفصل الأول المعنون ب «عكاظ في التاريخ والتجارة»، استعراض للحركة التجارية في جزيرة العرب قبل نشوئه والأسباب التي أدت إلى قيامه ومن ثم تبوئه مكانة وأهمية خاصة بين أسواق العرب الأخرى.
ويستنتج الكتيب في فصله الثاني «عكاظ المرجل اللغوي الكبير» أن نزول القرآن الكريم بلغة قريش التي اتخذت مكانة واسعة بين لغات ولهجات العرب آنذاك، وبسبب انتشارها من خلال السوق نثراً وخطابة وشعراً، أن جعل من لغة قريش اللغة الأكثر تداولاً بين القبائل العربية والتي أطلق عليها اللغة العربية الفصحى.
وهكذا، كانت لكل قوم من نزلاء السوق منازلهم الخاصة ينصبون فيها خيامهم، ويرفعون عليها راياتهم، وكان على رأس كل وفد شيخ القبيلة أو من ينوب عنه. وحين يأزف أوان البيع والشراء، كانوا يخرجون من مضاربهم إلى المعارض والأندية في رحاب السوق، فيلتقي اليماني بالشامي والحجازي بالعماني، فتمتزج القبائل في شتى الأمور، ويبحثون في البيع والشراء ويتبادلون التفاخر والشعر، ويكتبون المعاهدات فيما بينهم، ويروون الأحاديث والروايات لبعضهم البعض.
وفي الفصل الثالث «الشعر في عكاظ - المعلقات وأصحابها»، تناول للمعلقات السبع وتراجم قائيليها مع بعض الشرح الموجز لبعض أبياتها ومحتواها، أما الفصل الرابع فضم ما قاله المحدثون في شعراء وشعر عكاظ والمعلقات، ليأتي الفصل الخامس «زيارة سوق عكاظ» حيث يجمع الكتيب الأدلة والشهادات حول موقع السوق ووصف منطقة العرفاء بأدق تفاصيلها الجغرافية ومكوناتها التضاريسية، ثم يتطرق الكتيب في فصله السادس «كتبوا في عكاظ» إلى حصر الكتابات التي تناولت سوق عكاظ ونشرت في المملكة وعقبها جدل علمي لإثبات مكان السوق ومنها: مجموعة مقالات الكاتب محمد موسم المفرجي، عام 1417هـ، ثم كتابات مناحي ضاوي القثامي المؤيدة لمقالات المفرجي حول تحديد مكان السوق بين نخلة ومكة المكرمة، لكن «علاّمة الجزيرة»، المرحوم حمد الجاسر، لا يتردد في القول إن وادي نخلة ليس قطعاً موقع سوق عُكاظ. واستشهد بكتاب أبي عبيد البكري: معجم ما استعجم، وبقصيدة الرداعي، وكانت مقالته حاشدة بالشعر الذي يدعم أقواله. . ثم أصدر سعد بن جنيدل معجم الأماكن الواردة في المعلّقات العشر، عام 1425هـ، وإن كان لا يحتوي على شيء من أسماء مواقع سوق عُكاظ الأساسية، مثل: الأثيداء أو جبل الحضن أو العبيلاء أو الخَلَص في هذا المعجم الممتاز. وليس هذا عيباً في الكتاب، فقد لا يكون لكل هذه المواقع ذكر في المعلقات. غير أن منهج الكتاب سليم في تنبيه الباحثين عن موقع السوق، أو أي موقع آخر مذكور في نص قديم.
وهناك ديوان عُكاظ، لحمّاد بن حامد السالمي، وكتاب «سوق عُكاظ من ذاكرة التاريخ إلى بهجة الحياة»، للدكتورة. هند صالح باغفار، عام 1428م، وتضمن كثيراً من الأشعار التي جاء فيها ذكر عُكاظ في الشعر الحديث، مثل شعر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، والشعراء السعوديين. وكذلك كتاب «سوق عُكاظ الرمز والتاريخ»، مناحي ضاوي القثامي، عام 1428هـ، وكتاب «عُكاظ وحي الإبداع وتجليات الوعي»، لعالي سرحان القرشي وعاطف السيد بهجات، ثم المعجم الجغرافي لمحافظة الطائف، لحمّاد بن حامد السالمي، المعجم الأثري لمحافظة الطائف، لناصر بن علي الحارثي. الناشر: لجنة المطبوعات في التنشيط السياحي، محافظة الطائف. صدرت الطبعة سنة 1423هـ، 2002م.
ويختتم الكتيب في فصله السابع «عنقاء الجزيرة العربية، بُعثت من رمادها» بجداول توضح برامج الفعاليات خلال الثلاثة سنوات الماضية، وبروي الدكتور جريدي المنصوري، أنه :جاء صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل إلى منطقة مكة المكرمة التي تضم محافظة الطائف، وفيها سوق عكاظ، وكأنه على موعد مع هذه السوق، ليحمل الأمانة التي تركها والده الملك فيصل يرحمه الله، ذلكم الرجل الذي اضطلع بمهمة تحديد موقع سوق عكاظ.
ويقول المنصوري: في نظري أن إحياء سوق عكاظ يعزى إلى ثلاثة عوامل، الأول: الانفتاح الثقافي الذي تشهده المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واهتمامه بالعلم والثقافة، والثاني: دعم الأمير خالد الفيصل الكبير لعودة سوق عكاظ عام 1428هـ. والثالث: أن الطائف قد تهيأت لعودة سوق عكاظ، حين أخذت صورة المدينة السياحية تتضح بعد سنوات عديدة، عمل خلالها محافظ الطائف في تنشيط البرامج الفنية في الصيف وتكثيفها، وحين صدر قرار تعيين الأمير خالد الفيصل أميراً على منطقة مكة المكرمة سنة 1428هـ، فزار الطائف، وعقد اجتماعاً في المحافظة، وكان من الأمور التي عرضت في ذلك الاجتماع، تطوير منطقة الهَدا والشفا السياحية، وموضوع سوق عكاظ، وأنها بحسب قول الأمير الشاعر «ماركة عالمية»، وعلامة فارقة في تاريخ الأدب والثقافة العربية، وأن هذا المشروع يقع في أعلى سُلَّم الاهتمامات.