تفاعلاً مع ما يكتب في (الجزيرة) عن المتقاعدين في القطاعين العسكري والمدني أقول:
تعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية تنظيماً للأنظمة التقاعدية، فقد صدر أول نظام للتقاعد عام 1378هـ، وذلك بهدف تأمين مورد مالي للموظف المتقاعد وأسرته بعد فقد مورد الوظيفة، ويقوم على نظرية التكافل الاجتماعي التي تهدف إلى توفير أكبر قدر من الضمان الاجتماعي للموظف، وتأمين مورد مالي ثابت للموظف المتقاعد وأسرته من بعده عند انقطاع مورد الوظيفة، وذلك بعد تحقق أحد المخاطر المؤمن ضدها بحسب الأحوال، كالشيخوخة أو العجز عن العمل أو الوفاة، وبما يمكنهم من مواجهة أعباء الحياة المادية، ويوفر له ولأسرته حياة كريمة.
وقد أحسنت المؤسسة العامة للتقاعد عندما بادرت بإعادة النظر في نظام التقاعد الحالي الذي مضى على صدوره أكثر من خمسين عاما شهدت المملكة خلالها عددا من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية، ورفعت العام الماضي مشروع نظام جديد للتقاعد المدني وآخر للعسكري ليواكب تلك المتغيرات والمستجدات، وحاليا يمر هذا المشروع التطويري بمرحلة المراجعة والتطوير من قبل الجهات العليا في الدولة تمهيدا لإصدراه وفق الإجراءات النظامية اللازمة.
وانطلاقاً من اهتمام هذه المؤسسة المتجددة والمتميزة بسعيها للوصول إلى التطبيق الأمثل لنظام التقاعد وحرصها على تنمية مواردها بما يتلاءم مع طبيعتها ونطاق التزاماتها الحالية والمستقبلية مما سينعكس أثره إيجابا على المستفيدين من المؤسسة كما نص على ذلك تنظيمها الصادر عام 1425هـ، فإنني أود أن أشير إلى أن مشروع نظام التقاعد الذي رفعته المؤسسة تضمن استبعاد مدة الإجازة الاستثنائية وإجازة المرافقة من احتسابها في خدمة الموظف لغرض التقاعد. وهذا الاستبعاد يحتاج إلى إعادة نظر لأن الإجازة بمختلف أنواعها بما فيها الاستثنائية والمرافقة تعتبر حقا للموظف كفله النظام ولا ينبغي حرمان الموظف من الاستفادة منها لأي غرض بما في ذلك غرض التقاعد طالما أنه لايزال مكتسبا للعلاقة الوظيفية وحصل على إجازته بموافقة جهته، كما أنه ليس من المنطقي المساواة في التعامل بين مدة الإجازة بدون مرتب التي يتغيب فيها الموظف لعذر وموافقة جهة عمله وبين مدة الغياب بدون عذر التي يتغيب فيها الموظف عن العمل بدون موافقة جهة عمله ومن غير عذر. ويُؤمل من مؤسسة التقاعد أن تعيد النظر في هذا الحكم خصوصا وأن قوانين دول أخرى مجاورة نصت على احتساب الإجازة بدون مرتب بعد استيفاء الاشتراكات وعدم احتساب مدة الغياب بدون عذر على الإطلاق ومن ذلك على سبيل المثال نص المادة رقم (18) من قانون التقاعد العسكري باليمن، والمادة رقم (7) من قانون التقاعد المدني بالأردن. ولاشك أن تمييز هذه الدول بين الغياب بدون عذر وبين الإجازة بدون مرتب قد أتى أكثر تحقيقا للمنطق. وعليه، يقترح أن يتم تعديل المادة الواردة في مشروع نظام التقاعد الخاصة بالمدد التي لا يتم احتسابها لغرض التقاعد وإعادة صياغتها على نحو يسمح باحتساب مدة الإجازة الاستثنائية وإجازة المرافقة إذا ما دفع عنها اشتراكات.
ويرجى من معالي الأستاذ محمد الفايز وزير الخدمة المدنية ومعالي الفريق الدكتور ناصر العرفج أمين عام مجلس الخدمة العسكرية وسعادة الأستاذ فهد الشدي أمين عام مجلس الخدمة المدنية بحكم مسؤوليتهم الوظيفية دعم هذا المقترح الذي يصب في خدمة الموظفين المدنيين والعسكريين ويمنح في نفس الوقت مؤسسة التقاعد موارد إضافية يدفعها الموظفين.
فيصل بن منصور الفاضل
alfadhelf@yahoo.com