قدمت واشنطن اعتذارها للمئات من أبناء جواتيمالا الذين أصيبوا دون علمهم بأمراض تنتقل عن طريق الجنس في إطار دراسة أجرتها الحكومة الأمريكية منذ أكثر من 60 سنة وصفتها جواتيمالا بأنها (جريمة ضد الإنسانية).
وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزيرة الصحة كاثلين سيبيليوس: إن هذه التجربة، التي أجريت من 1946 إلى 1948 في جواتيمالا (مخالفة بوضوح لقواعد الأخلاق) و(مدانة).
من المؤكد أن هذا الإعتراف الرسمي الأمريكي لم يأتِ من باب الأخلاقيات العالية، ولكنه جاء بعد أن شعرت السلطات القانونية أن ثمة مستمسكات قانونية ضدها. وهذا يقودني إلى الحديث عن الأخلاقيات الطبية العربية، وعن مدى دقة الآلية التي تتم فيها مراقبة استخدام المريض أو جزء منه لصالح الأبحاث أو التجارب. صحيح أنه ليس لدينا تجارب طبية حقيقية، كتلك التي تجريها مختبرات أمريكا وأوروبا والصين، ولكن هناك لا محالة مَنْ لا يملك أخلاقاً ولا ضميراً، فيجرِّب في المريض ما يظن أنه سينفعه، دون الرجوع للبروتوكولات المعتمدة. وهؤلاء الأطباء هم السبب الرئيس في ازدياد حالات الأخطاء الطبية المميتة في بلادنا. وما كرَّس وجود هذه النماذج القاتلة، الحجم الهائل للجهل الإداري في مستشفياتنا الحكومية والأهلية، وذلك لأن من يقود هذه المنشآت هم أطباء وليسوا إداريين. ومعروف أن مكان الطبيب، الذي علمته الدولة وأنفقت عليه الكثير، هو العيادة أو غرفة العمليات، وليس المكتب المتكدس بفواتير ما سيحتاجه المبنى من أسمنت وبويات وأفياش كهرباء، وما سيأكله المرضى من فول ورز وبيض!