التكافل أحد أنبل خصائص المجتمع الإسلامي. والخلاف والشقاق داخل المجتمعات يمثل أخطر الأمراض في ذلك الجسد. ومواجهة أي خطر اجتماعي لا يمكن أن تؤسس إلا على أرض صلبة تستند إلى واقع المجتمع وقناعات أهله، والحلول التي تتبناها المملكة العربية السعودية لمعالجة الإشكالات الاجتماعية تمثل صورة جلية من صور تقديم الحلول المناسبة والنابعة من هذا الواقع وفهم طبيعته، ولجان إصلاح ذات البين والتي أصبحت نمطاً فاعلاً في محاصرة الخلافات ووأدها ليست خارج هذا السياق.
التكافل المعزز لنزعة إصلاح ذات البين داخل المجتمع السعودي يتجاوز المفهوم السائد والمباشر له ليشمل أبعاداً كثيرة في تركيبة وتكوين الفرد السعودي، ومن ثم المجتمع بشكل عام فيسهل في هذا المجتمع تقبل السعي الخير للإصلاح بين المتخاصمين وتعزيز قيم التسامح بين الخصوم في إطار القيم السامية، ومن الإيجابيات غير المباشرة التي تنتج عن هذه اللجان تخفيف العبء الملقى على عاتق الأجهزة المعنية بنظر الخصومات وتعزيز جهود وفاعلية الخيرين من المتطوعين الذين ارتأوا في أنفسهم القدرة على القيام بهذا المسعى الخير. وقد حققت هذه اللجان رغم حداثة تجربتها المؤسسية نتائج ملموسة تبشر بإنجازات مستقبيلة أخرى، سيعززها بلا شك وضوح الرؤية الذي تستلهمه اللجان من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسعة أفقها تجاه هذا الدور الحيوي الذي تقوم به.
غير أن الدور الذي تعمل على تجسيده لجان إصلاح ذات البين ينتظر تفاعلاً أكبر من جميع الجهات والشرائح داخل المجتمع لتعزيز هذه الثقافة واستثمار الإمكانات الكامنة داخل أفراده للمساهمة في تحقيق هذه الرؤية وإنجازها في برامج مختلفة، كما أن الإعلام مدعو لاستثمار هذه الرؤية الاجتماعية لتسليط الضوء على الجهود المبذولة فيها لمحاصرة الخلافات ونوازع الشقاق بجميع أشكال التثقيف المختلفة.
***