تزخر بلادنا الغالية بالمبادرات الخاصة والعامة لفعل الخير والبذل في سبيله، والدعوة إليه، وتزداد هذه المبادراتُ أهميةً وقوةً وتأثيراً حين يرتبط عطاؤها بشرائحَ معينةٍ من المجتمع تعاني من مِحَن الزمان في النفس أو البدن، وتَتَطلّع بشغفٍ إلى من يمدُّ لها حبْلَ الرجاء للتغلُّب على هذه المحنة أو تلك!
وأبلغُ دليل على ما تقدّم هو مبَادرةُ (تأسيس المقاومة) للإعاقة الذهنية والبدنية قبل أكثر من ربع قرن بكل أوصافها ممثلةً في جمعية الأطفال المعوقين، التي أرسى بذْرتَها الأولى فقيدُ الوطن الكبير معالي الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -، بمؤازرة عدد من رفاق الخير وفاعليه في ذلك الوقت، ثم نمت تلك المبادرة نمواً كبيراً وتفرَّعتْ أغصانُ عطائها كثافة وشمولاً لتعمَّ مناطق عدة في البلاد، وما برحت هذه الجمعية تعيش عصرها الذهبي منذ نحو عقديْن من الزمن في ظل قيادة رائدها ورئيس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان - حفظه الله -، تعاونه في ذلك ثُلّةٌ مباركة من عِلْية الناس، سمعة وموقعاً وتأهيلاً.
هذا يقودُني إلى الحديث عن دليلٍ آخر لمبادرات الخير، أكثر خصوصية وأعمّ نفعاً يتمثل في جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) التي أنشأها سموه الكريم - طيب الله ثراه - رغبة منه في مد يد العون لمن (أعاقته) محنة الفشل الكلوي من ممارسة طقوس حياته سعيداً بعيداً عن شقاء الألم المتجدد وألم الشقاء به! وصدّقُوني أنه لا يُدرك حجم معاناة كهذه إلا من وطَأ جمرها واصطلى بحميمها!
وقد حظي هذا الجهد الإنساني الرفيع بالاهتمام والدعم والمتابعة من لدن (آل سلمان) الأخيار، يتقدمهم سيد البر، سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، وشبله الأغر صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان - رعاه الله -، المشرف العام على جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وقد قاد سموه الكريم مؤخراً حملة مباركة لشدِّ الاهتمام بهذا المشروع الانساني الكبير والدعوة لدعمه تبرعاً وحثّاً على العطاء، ووصلت أصداء تلك الحملة إلى القلوب والأسماع عبر أصقاع الوطن، فجزى الله كلَّ مَنْ سعى في هذا الدرب وسانده خير الجزاء.
وبعد، فإنني من هذا الموقع، أدعو القلوب الحانية في بلادي، من كل الأطياف والثقافات والمستويات، أن تدعم هذه المبادرة الكريمة لنصرة مرضى الفشل الكلوي، مادياً وأدبياً وإعلامياً، وأن تجود بما تستطيع بذله من مال، كهبة أو صدقة جارية أو تبرّع دائم، كي تتمكن هذه الجمعية المباركة من ممارسة دورها الإنساني الكبير في مكافحة محنة الفشل الكلوي، وغرس بذور الأمل والرجاء في النفوس المتأثرة بهذا الداء.. فالمرض خطير جداً، ونتائجه متى استفحل بصاحبه أشد خطورة وأعظم وطأة وأكثر عسراً، ورحمه الله صاحب هذه المبادرة ومؤسسها، وأحسن له الأجر والثواب، وجزى الله خيرَ الجزاء كلَّ منْ (كفل) هذا الجهد الرائع، بالبذل والدعم الشخصي والمعنوي!
وآخر هذا الحديث أن أبشروا بالخلاص يا مرضى الفشل الكلوي، فبلادكم الغالية تفيض بمبادرات الخير وفاعليه، والحمد لله رب العالمين.