يعنى الإنسان منذ نشأة الخليقة بأمر الأسماء، ونحت النعوت لكل شيء في الحياة حتى يصبح لكل ما حولك من بشر وشجر وحجر اسم .. فربما تتطوّر هذه الأسماء وتزدهر بمدلولات كثيرة، والآخر منها يختفي، والبعض من هذه الصور تحفظ معالمه قصيدة قديمة، أو قصة شيّقة، أو حكاية تشبه المعجزة العجيبة في ثنايا سيرة الأسماء.
وبما أنّ كل شيء في الوجود له اسم يُعرف به، أو يحمل عنواناً، أو له دلالة تشير إليه، فمن باب أولى أن يحمل هذا المفتاح التعبير المناسب، فلا يكون الاسم أو العنوان مبهماً أو شاطحاً على نحو ما يرد إلى بعض الجهات الرسمية من أسماء لا علاقة لها بما نحتت له، أو أريدت لأشخاص أو أماكن تجارية بأسماء غريبة لا سند لها في دلالات اللغة، أو أنها غير مرغوب فيها نظراً لخطلها أو تداخلها مع مفاهيم أخرى ليست مناسبة للتعريف بها.
تفضي بنا هذه الديباجة حول الأسماء إلى ما قد نحسبه تيهاً أو جهلاً في فهم معاني بعض الأسماء ومدلولاتها في اللغة، فمن الأسماء التي يرتكب فيها بعض أهل البداوة الأخطاء في تسمية بعض الأبناء ربما بأسماء أقل الدواب وأصغرها، بل إنّ من يزعم اندماجه الحضاري قد يختار لوليده اسماً لا أساس له أو معنى، فضلاً عن أن يكون قد وقع في أخطاء ومحاذير شرعية يجدر فيه تجنُّبها على نحو أسماء ومزاعم الآلهة عند بعض الديانات والمعتقدات دون إدراك أو معرفة.
نذكر هبة الأسماء والتنافس على التسطيح بل والعبث في موازين اللغة الأم على نحو جعل الصفة اسماً، بل إنّ هناك من يروقه الاسم فقط، ليكتشف بعد حين أنّ ما اختاره هو في الأصل اسم من أسماء الشيطان أو أعوانه.
فقد كثرت الأحاديث أنّ هناك من خلع على طفله اسماً من أسماء الأوثان أو ما يزعم كما أسلفنا أنها أسماء آلهة للأديان والمعتقدات السابقة، فمنهم من يعاني من تبعات هذا الاسم، ومنهم من تخلّص منه وآخرون لا يزالون يكابرون.
فالعبث في الذائقة قد يُحْتَمَل من قَبِيل أنّ ما لا يروقك قد يجد عند الآخرين القبول والعكس ممكن أيضاً، وذلك من قبيل اختيار الأسماء وتقليد الكنى وخلع الألقاب على من تريد.
فالإعلان عن بعض الأسماء بلوحات كبيرة فوق المحلات أو البنايات قد يكون أمراً مختلفاً، لأنّ الذائقة هنا تتقاطع مع ما سواها، إذ تخرج من الحالة الخاصة والذاتية إلى العام على نحو لوحة «مغاسل راسيل» أو «مخابز راما» على سبيل المثال في شارع عام دون علم أو معرفة ماذا يعني اسم (راسيل أو راشيل أو راحيل) أو (راما) ولمن هذه الأسماء؟ وما هي قضيته التاريخية مع معتقدنا وديننا الإسلامي؟ فالجهل هنا مقسّم بين صاحب المحل والجهة المختصة التي وافقت على نشر مثل هذه الأسماء بلوحات عملاقة قد تثير أسئلة كثيرة حول الجهل والتعلُّق باللفظ دون معرفة المحتوى والمغزى.
فليس أصحاب هذه المغاسل أو المخابز هم الوحيدون في هذا الأمر، فقد كثرت التجاوزات في أمر الأسماء، إلى درجة أننا بتنا نتسابق على ما هو غرائبي فيها دون أن ندقق بمدلولاتها ومعانيها.