(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
كان يوم الأربعاء الموافق 13-10-1431هـ يوماً حزيناً لكاتب هذه الأسطر؛ فقد فوجئنا بخبر وفاة أخي الأكبر وصديقي وصديق العائلة أجمع الودود ناصر بن محمد الرميح (أبو سهيل)، ولم يكن - رحمه الله - صديقاً فقط، ولم يكن زميلاً، ولكن كان أخاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى (رب أخ لك لم تلده أمك).. الموت حق وكل نفس ذائقة الموت.
كان - رحمه الله - معروفاً وملازماً لعائلتنا منذ (40 سنة) بدايةً برفقة شقيقي الأكبر الأستاذ مندل، وعرفناه بطيبته وأخلاقه وروعة حديثه وثقافة نفسه، وعرفناه وعرفنا منه كل سمة جيدة، وكان - رحمه الله - يحسن للمحتاج، وكان لا يحقد ولا يحسد أحداً، كان اجتماعياً حقيقياً مع كل شخص، حتى حديثه مع مَن يجالسهم أول مرة كأنه يعرفهم منذ سنين، الأقارب والزملاء كانوا يعرفون سماته، وكانوا يعرفون شخصية ناصر الرميح، والدي ووالدتي - رحمهما الله - وإخواني وأخواتي وأقاربي كانوا يعرفونه، وذلك لكثرة تواجده معنا في المناسبات والأفراح، وكان لا يغيب أكثر من 15 يوماً عن أعيننا على الرغم من تواجده وإقامته بين محافظة المجمعة وجلاجل.
حدثني قبل وفاته بـ(48) ساعة عبر الجوال وألح عليّ للحضور إلى مزرعته في جلاجل، وقد أفدته بمحاولتي قدر المستطاع، وفي الحديث القدسي: (من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإذا أقبل إليَّ يمشي أقبلت إليه هرولة) رواه مسلم. كان هذا الحديث القدسي قاعدة ثابتة للمرحوم ناصر، وكان يردده دائماً - رحمه الله -، وكان مهتماً وحريصاً جداً على القيام آخر الليل، حتى خروجنا في الاستراحات يقوم وينهض لأداء الصلاة ليلاً.
روح الشباب والنقاش والحديث متواجدة لديه، الابتسامة والأضحوكة لا تفارقه بتاتاً، حتى في حالة الغضب خلال ثوان معدودة نجده يعود بابتسامته المعهودة، الدمعة الواحدة أقوى من قصيدة رثاء لك يا أبا سهيل، كانت فجيعة وفاتك، ولكن قدر الله وما شاء فعل؛ فالمؤمن مبتلى كثيراً في حياته، ولكن هناك سمات متواجدة لديك يا أبا سهيل؛ سمات يتمنى كل شخص أن ينال منها الكثير؛ فيكفي حديث الناس عن خُلقك، وعن رحابة صدرك، عن لطفك وعطفك.. الرصيد الحقيقي الذكرى الطيبة، وهذا ما سمعناه من قبل الآخرين لناصر الرميح؛ فبشراك وهنيئاً لك على هذا القدر من المحبة والتقدير، والدعاء لك لن ينقطع ما دامت هناك ذكرى لشخصك؛ فالدعاء على المسلم رحمة وعطف؛ فكيف بشخصك الكريم، ندعو الله أن يجمعنا وإياك في جناته وأموات المسلمين.. الذكرى جميلة يا ناصر، ولكن الفراق صعب.
سلمان بن عبدالله القباع