نسيت وأنا أتحدث عن جازان مقر الإمارة أن أشير إلى سنّة حميدة ينتهجها أمير منطقة جازان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز والتي كما أعتقد لم يستنها أمير قبله حسب معرفتي القاصرة، والسنّة التي أعنيها هو أنه يستدعي في يوم الثلاثاء حيث موعد مجلسه المُعتاد بعض المسؤولين في (مناحي) الإمارة ويفتح مجلساً تساؤلياً عما حققوه من أعمال ثم يفتح باباً للمساءلة يشترك فيه المتخصصون والجمهور ليصل الجميع إلى موقع الخلل أو القصور ويرفعون له تقريراً بإصلاح ذلك الخلل مهما كان ليصار إلى معالجته بالطرق الممكنة لاحقاً.
أقول عوداً على بدء إنني بعد أن سرت طويلاً على ساحل جيزان وأنا أستنشق أنفاس البحر، البحر الذي لا أعرفه كما في شرق الجزيرة العربية وأعني بذلك الخليج العربي الذي طالما غفوت على شواطئه حتى تعبث بشعري الأسماك وتعشعش عليه النوارس لطول الألفة!! أقول هذه المرة وأنا أغفو على ساحل جازان أحسست أنني كالطفل الذي يغفو على ثدي أمه، وهكذا أصبح ذلك الطفل مشعاً بنور البلاد.
لذلك سرت أحمل أمتعتي كما الرحالة الأقدمين الذين مرّوا بهذه البلاد وأحمل في القلب كل البلاد.
وأردد ما قال شاعر هذه البلاد:
محمد بن علي السنوسي:
(جازان أني في هواك لشاكِ
أفتنصتين لبلبل غناكِ
يتعشق الفجر الوضيء ويرتوي
اشعاع نور كواكب الأفلاك)
هكذا إذن بدأت شرقاً باتجاه أبي عريش هذه المحافظة التي طالما لما ترددت في كتب التاريخ وهي منطقة جميلة خضراء تنمو فيها أشجار المانجو ومزارع الفل لذا (يتمازج فيها أجمل ما في الذوق وأجمل ما في الشم).
كما قال لي محافظها المثقف محمد بن ناصر بن لبده والذي يتحدث عن أبي عريش كما يتحدث عن أبيه وأمه وأسرته الأقربين وبطريقة حميمة لا يجيدها سوى المثقف الشفاف لا الإداري التقليدي الذي يكتفي بأداء واجبه فقط، أي أن محافظ أبي عريش يتحدث عنها بالإضافة إلى واجبه الوطني المناط به، يتحدث بلغة الابن المحب والأب العطوف لتلك البلاد التي يتبع لها مركز وادي جازان أيضاً ويحدها من الشرق محافظة العارضة ومحافظة العيدابي ومن الشمال (ضمد) وطن الشعراء والمثقفين وجنوباً (أحد المسارحة) قبيلة عزيزة من قبائلنا الجنوبية مثلها مثل العراشيه وشرفاء المسارحة، بقي أن نقول إن محافظة أبي عريش تعتبر من أجمل المناطق الخضراء في الوطن الغالي الذي ترفرف عليه الراية الخضراء وإن شاء الله إلى أبد الآبدين.