تناقلت الصحف خبر الاستقالة الجماعية لأعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية، وطلبت بعض الصحف رأيي، وكذلك بعض القنوات الفضائية، حول ما إذا كانت الاستقالة الجماعية فعلاً إيجابيًا أم غير ذلك، ولماذا أقدم هؤلاء معًا على الاستقالة؟ هل بسبب بنود اللائحة التنظيمية للأندية، والتي صدرت مؤخرًا عن وزارة الثقافة؟ أم بسبب عدم تفعيل هذه اللائحة؟ هل بسبب تجميد الانتخابات في الأندية الأدبية؟ وتشكيل أعضاء الجمعيات العمومية فيها؟ أم بسبب ضعف المخصصات المالية للأندية؟ وتعرّض بعضها إلى ما يشبه حالة إفلاس عام؟ أعني إفلاساً مالياً تبعه بالضرورة إفلاس إقامة أنشطة ونشر مؤلفات وما شابه؟!
هل كنّا نعاني من سوء إنفاق هذه الميزانيات المتواضعة؟ أم ماذا؟ أذكر حينما كنت عضو مجلس إدارة في أدبي الرياض، أن ما يقارب 60% من الميزانية السنوية للنادي، وهي مليون ريال فقط، تذهب لسداد مرتبات سنوية لثلاثة عشر موظفًا تقريبًا، وما يتبقى منها يتم صرفه على أربعة أعداد تصدر سنويًا من مجلتيّ «حقول» و»قوافل» التي ترأست تحريرها آنذاك، وأدركت صعوبة انتظامها في ظل تواضع الإمكانات، ومطالبة المجلس لي بأن أبحث لها عن داعمين ورعاة من القطاع الخاص! أما الأنشطة المتبقّية من فعاليات منبرية وإصدار كتب وخلافه فلا أعرف كيف كان يتم تدبير مصروفاتها!
كل هذه المعاناة والنادي غير متورط بسداد قيمة إيجار المقرّ كبعض الأندية الأدبية الأخرى، كيف حاله إذن لو اضطر إلى سداد قيمة إيجار المبنى؟ ماذا سيتبقّى من ميزانيته؟
وحتى ندرك أهمية الثقافة عندنا، لنتخيل هذه الحسبة البسيطة، وهي أن ميزانيات ستة عشر نادياً أدبياً لمدة سنتين تبلغ 32 مليون ريال فقط، بينما قيمة تجديد عقد ومرتبات أغلى لاعب محترف أجنبي في السعودية، وهو السويدي كريستيان ويلهامسون، وللمدة ذاتها، بلغت ما يقارب 43 مليون ريال فقط! أي أن قدم ويلهامسون أغلى من أربعة آلاف رأس مثقف وأديب سعودي مجتمعين، إذا افترضنا أن عدد أفراد الجمعية العمومية لكل نادٍ تتراوح بين 250 و300 أديب ومثقف!
ولا يعني ذلك نظرة عنصرية تجاه أجنبي، ولا رأياً تقليدياً يتردّد دائمًا بأن المثقف عدو الرياضة، وهو يجهلها تمامًا، بل بالعكس، يطربني أداء هذا اللاعب وما حققه لفريقه من منجزات، وأتابع الرياضة السعودية والأجنبية بحب، ولكن أردت من خلال هذه الحسبة أن أقارن بين اهتمامنا المجتمعي بمجالين هما الرياضة والثقافة، ودعمنا لهما، وبالتالي لا بد أن يكون الناتج من هذين المجالين مختلفاً جدًا، فتخلّف الثقافة عمومًا يعني أننا لا نمتلك دور نشر كبرى، فتذهب مخطوطات كتبنا إلى بيروت والقاهرة، وأننا لا نمتلك مسارح ولا معاهد تمثيل فيقف ممثلونا أمام الكاميرا تدعمهم الفطرة والبركة والواسطة أحيانًا! وأننا لا نمتلك دور سينما ولا مؤسسات إنتاج فنحتفل بأول فيلم سينمائي بدائي، واسمه يعبّر عنّا جميعًا: «كيف الحال؟»!
هل علينا، إذن، أن نتحدّث عن الثقافة والأدب كفعل جماعي؟
هل نلوم المستقيلين من النادي على فعلتهم تلك؟
لا أدري! الرأي لكم!