ربما مرَّ إطلاق قناتي القرآن الكريم والسنّة النبوية الفضائيتين من قِبل وزارة الثقافة والإعلام دون متابعة ورصد لأثرهما، ولعل ذلك يعود إلى أن أسلوب ومضمون القناتين قد لا يشعر بهما المشاهد المحلي لأول وهلة بالدرجة المطلوبة لاعتياده مشاهدة وزيارة الحرمين الشريفين في أوقات متقاربة، لكن المشاهدين في دول أخرى بعيدة كثير منهم لم تتح لهم الفرصة ولم يتمكنوا من الحضور لأداء فريضة الحج أو العمرة والزيارة، وتمثل لهم هاتان القناتان في ظني شيئاً كبيراً وإحساساً مختلفاً، كونهما تنقلان أعظم بقعتين على وجه الأرض على الهواء مباشرة.
لقد قدّر لي متابعة قناة القرآن الكريم فترة من الزمن في أوقات متفرقة، وهي تنقل على الهواء مباشرة على مدار اليوم والليلة، لقطات متعددة ومتنوّعة للحرم المكي الشريف ومرافقه وجنباته، بهيبته ووقاره ومكانته العظيمة في نفس كل مسلم مصحوباً بأصوات ندية تتلو آيات الذِّكر الحكيم، فوجدت ذلك يعزّز الشوق ويزيد من اللهفة والاستعظام لهذه البقعة المباركة.
وحيث يرى البعض ألاّ تتوقف القناتان على النقل المباشر للحرمين الشريفين، وأن تنطلق إلى تقديم برامج أخرى، فإنّ الأولَى، كما أرى، أن تبقى القناتان على نهجهما الحالي، وأن يؤسس لقنوات أخرى تنقل التصوّر الصحيح والنقي لهذا الدين العظيم إلى جمهور المشاهدين في العالم، وتبين ما تسير عليه هذه الدولة المباركة من نهج قويم، وتقع على الوزارة ورجال الأعمال مسؤولية تحقيق مثل هذه المهمة السامية، وتظل قناتا القرآن الكريم والسنّة النبوية جامعتين لكل متابعي اللحظات الإيمانية والنفحات الروحانية من كل الأطياف والأديان والأجناس، بما تحتويانه من مهابة وإجلال وعلم عظيم، يهذب النفوس ويريح القلوب ويحرك العقول.