أستاذة رقية الهويريني.. أسرني موضوعك في العدد 13884 حول «المرأة السعودية.. بين دسيسة الوصاية ومؤامرة التغريب»، وحفزني أن أكتب ماعندي من إضافات.. أضعها كما يلي:
المرأة السعودية نبض في وجدان مجتمعها .. وجزء مهم من كيانه .. تشغل حيزاً وتملأ تلك الفراغات التي راهن على نجاحها النمطيون .. ومتلحفو العباءة التقليدية.
إحساس من الزهو رافقها وبدا يسري في داخلها حينما استطاعت أن تقفز أسوار الخجل من حياتها .. وحررتها رؤاها الناهمة من أغلال الجمود .. وأيقظتها من سبات الانكفاء على وسادة الصمت .. يناوئها بهذا .. (الوسط الساكن) .. ويحاول مؤيدوه أن يثنوها عن أي حراك في شريان أحلامها ومباحاتها، ليس خوفاً عليها، بل حذراً منها كرواسب من مفاهيم أثخنتها تعاليم حقبات مرحلية نضب وقودها ولم يعد لها من بقاء سوى رمادها.ولم يبقَ لها سوى أن تضيء طريقها بمشاعل من بناء ذاتها .. وتحقق حضوراً لها على كل مشهد، لأنها آمنت برسالة .. ويتطلب منها أن تناضل من أجلها بلا خوف، فبلوغ الهدف له لمعة في مساحتها الإنسانية.. ليس انتصاراً .. وإنما توطينا لرغباتها التي وظفت من أجلها قدراتها ومهاراتها.. أعتبر هذا ميلادا بهيًّا جديداً بزغ فجره من رحم الإصرار النبيل لأجل أن تكون في المقاعد الأمامية في قافلة تحث سريعاً في خطواتها.
لقد احتفلنا بمئوية التأسيس وبيوم ثمانيني من أيام الوطن .. ولم نفتأ في مباهاتنا أمام العالم بكل منجز حضاري، ولكننا لم نزل مجتمعاً فتياً وليد التناغم مع كل متغير يلامس شأننا الاجتماعي ونضع أمامه أجندة الرفض والتوجس ومصادرة الآراء التي ترغب إحداث صدى بإيقاعاته الطبيعية في حياتنا المعاشة.
وإذا تأملت هذه الحقوق، فهي لا تعدو أن تكون سوى ضرورات اجتماعية تلامس حاجات بنت الوطن التي هي أحد أعمدة كيانه وليست حدثاً غريباً كما يظنه منظرو (ثقافة العيب) الواهنة.. انظروا من هم حولنا.. لقد سبقونا.. وبات تناغمهم مع كل معطى من بديهيات الاقتناء والتعامل الطبيعي مثل قيادة المرأة للسيارة، وبطاقة الهوية الوطنية، وفكرة تدريس المعلمات للصفوف المبكرة بنين، والتنوع الوظيفي للمرأة وإعطائها الثقة لتتبوأ زمام الوظائف الإشرافية والقيادية .. ولا تثريب في هذا الأمر، فهي شقيقة الرجل فكراً وعاماً وحساً وطنياً وقيادياً.
وهي في ذات الوقت الزوجة والأم وموجهة الأولاد والبنات وربيبة الأسرة. لا خلاف في هذا، ولا تناقض يحدث كما يزعمه المثبطون وأبطال إقصاء المرأة.
أريد أن يتفهم المجتمع هذه الحقوق ويعدها انفراجاً من حالة المأزوم ويتقبلها بوعي كما هو حال دول خليجية تتفق معنا في عاداتنا الاجتماعية.
وكما أريد ما كتبت عنه سابقاً.. فأنا أرفض بشدة أن نكون عرضة لهواجس تعيقنا من تلبية حاجاتنا الحياتية ومسايرة العصر بأسلوب متوازن ينبئ عن مجتمع منتج يرتقي للأفضل ليصبح بالفعل أفضل أمة أخرجت للناس.
سعد بن محمد العليانعنيزة - مدرسة صلاح الدين