يعتبر نهر النيل من أطول أنهار العالم إذ يمتد على طول (6695 كلم) في أرض قارة إفريقيا نابعاً من مرتفعات بحيرة فكتوريا مشاركاً العديد من الدول بخيره معززاً للأمن الغذائي لها وهي «إثيوبيا
- إريتريا - زائير - تنزانيا - رواندا - بروندي - أوغندة - السودان - مصر) وتمثل الدول السبع الأولى منبعه ومصر والسودان مجراه الطويل ومصبه.وقد تبنت دويلة إسرائيل شكل سياسة الحرب الباردة التي كانت ركيزة العلاقات الدولية في القرن العشرين ولا زالت هذه الدويلة تمد أذرعها في قارة إفريقيا لتحاصر المستقبل العربي معها وبالذات المحاولة الجادة لإشغال مصر والسودان في مشاكل إقليمية مع دول الجوار وبالذات المشاركة في حوض نهر النيل الخالد الذي يمثل مصدراً أساسياً للحياة الاقتصادية والتأثير البالغ لسلامة تدفقه في أراضي دول المجرى والمصب العربي على أمنها الوطني!
حين مراجعة التاريخ السياسي لدول حوض نهر النيل تسجل الاتفاقية المشتركة بين بريطانيا وإيطاليا بصفتهما ممثلتان للسلطة الاستعمارية آنذاك لوسط إفريقيا قد اتفقتا عام 1925م على آلية لتوزيع مياه النيل بين دول المنبع والمصب ثم جاء القرار البريطاني في عام 1929م الذي حدد حقوق مصر والسودان في مياه النيل وروافده كحق طبيعي ولا يمكن المساس بهذا الحق إلا بعد الاتفاق مع الحكومة المصرية احتراماً للمصالح الوطنية في الانتفاع بثروته الوطنية ودون تعديل مناسيبها أو تغيير مجرى النيل.
وإثر حصول السودان على استقلالها وتشكيل الدولة الجديدة تم الاتفاق على تقاسم مياه النيل بشكل يضمن لمصر 55 مليون متر مكعب والسودان على 18 بليون متر مكعب، وحاولت دول المنبع تعديل هذا الاتفاق آنذاك إلا أنها لم تصل لاتفاق فيما بينها لعوامل سياسية متقاطعة بين دولها وخذلت كافة محاولات إسرائيل آنذاك لخلق جو من العداء بين هذه الدول الإفريقية ومصر وشكلت هذه المحاولات العدائية حلقة في صفوف الحرب النفسية والاستباقية ضد النظام السياسي في مصر بإلهائها بمشاكل جانبية إقليمية وركزت إسرائيل على النظام الإثيوبي آنذاك بإغراءات مالية ومنحها صفقة أسلحة خفيفة من أجل «العبث» بمياه نهر النيل الشريان الحيوي للاقتصاد المصري وبالذات بعد إنشاء السد العملاق «سد أسوان» وقد هدد آنذاك «ليبرمان» المتطرف الإسرائيلي بدعوة حاقدة لقصف هذا الصرح الاقتصادي المصري وسجل بأعلى قائمة أعداء مصر ليومنا هذا وحتى بلوغه منصب وزيرخارجية دويلة إسرائيل! وبعد أن أدركت مصر بأن أصابع إسرائيل تحولت لأطراف نشطة تحرك «بعض» دول المنبع. وبالذات «إثيوبيا» تحركت بمبادرتها المعروفة عام 1999م بمساعدة دول المنبع السبع بالتعاون للاستفادة من مصادر المياه الكثيرة منها التي تنساب هدراً نحو المحيط الأطلسي إلا أن الرشاوي السياسية الأجنبية حركت النظام الإثيوبي آنذاك وردت على هذه المبادرة بعرض اتفاقية جديدة لتنظيم تقاسم مياه النيل بين دول المنبع والمصب علماً بأن «إثيوبيا» لا تستفيد من تلك المياه إلا بنسبة 1% ومصر تعتمد عليها كلياً وبنسبة 95% وتحظى الدول السبع المكونة لمنبع النيل بنسب عالية من الأمطار ولديها مصادر مياه نهرية أخرى تعتمد عليها في زراعتها، وتحركت إثيوبيا نحو محكمة العدل الدولية في لاهاي لإبطال معاهدة 1929م بحجة أنها عقدت بزمن الاستعمار البريطاني والإيطالي ولا يجوز الأخذ بها وجاء قرار المحكمة الدولية ملزماً ومقراً بسريان هذه الاتفاقية ومؤكداً ومذكراً باتفاقيات حدود إثيوبياً والموروثة من دول الاستعمار الإيطالي والبريطاني التي بموجبها أنشئت دولة إثيوبياً الحديثة!
إن هذا الملف الهام والمتعلق بإستراتيجية المياه وأمنها القومي يستدعي أن يحظى باهتمام عالٍ وعملٍ جاد تتولاه الأمانة العامة للجامعة العربية بعرضه على مجلس الاتحاد الإفريقي من جهة وتكثيف الجهد الدبلوماسي العربي موحداً لتثبيت الحق العربي بمياه دجلة والفرات والنيل هذه الأنهر الدولية التي تجتمع دول المنبع والمصب في الاستفادة من مياهها ولها حق متساوٍ في السيادة على هذه الأنهر بقدر المسافة التي تجري على أراضي دوله، فليس هناك سيادة مطلقة في القانون الدولي العام لدول المنبع على مياه تلك الأنهار الدولية والتركيز على مبادئ الصداقة وحسن الجوار والمنافع المشتركة بين تلك الدول وتنظيم الاستفادة من هذه الهبة الإلهية للإنسانية جمعاء وبشكل اتفاقيات صداقة وتعاون مشترك بينها وأن تكون الأنهار المشتركة روابط خير وازدهار لشعوب دول المنبع والمصب، وبهذا تقطع أصابع وأطراف الحقد السياسي الأجنبي المتعمد لإضعاف الأمة العربية!. {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الروم 24
هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية