شكت أشهر نساء القاعدة، الموجودات في اليمن «وفاء الشهري»، والتي أطلقت على نفسها: «أم هاجر الأزدي»، سوء أوضاعها المعيشية في اليمن، وسوء أحوال أبنائها الثلاثة، وأنهم يقيمون في منزل كالسجناء، في مكان غير معلوم، يحوي غرفة وحيدة ودورة مياه.
في ظل حياة بائسة، يرافقها قلق الموت في كل لحظة.
هذه المرأة، تعتبر أول امرأة سعودية تنضم لتنظيم القاعدة، وتلقب ب»التكفيرية». بعد أن انخرطت في صفوف الإرهابيين، وتزوجت اثنين من المنتسبين للقاعدة. وقد أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السعودية، خلال الآونة الأخيرة.
القراءة الأولية لهذا الاعتراف، تؤكد على: أن منهجية تنظيم القاعدة مع النساء، مرت بتحولات فكرية. هذه المنهجية، احتلت مكانة إستراتيجية هامة في المنظومة التكفيرية. بدءاً: من كونها ربة منزل، يقتصر دورها على الإنجاب والتربية. ومروراً: بالقيام بأعمال لوجستية، كجمع الأموال تحت غطاء الأعمال الخيرية، وتقديمها للتنظيم في اليمن، عبر عمليات غسيل أموال.. ومثله: التخطيط والتواصل عبر الشبكة العنكبوتية، ونشر الفكر القاعدي في منتديات إلكترونية متعددة، والتي بلغت «40%» من المواقع الإلكترونية والمنتديات التابعة لتنظيم القاعدة، والمتعاطفة معها، تديرها وتشرف عليها نساء، بحسب ما أعلنته حملة السكينة التابعة لوزارة الشئون الإسلامية بالسعودية. وانتهاءً: بإتاحة الفرصة لها؛ للقيام بعمليات انتحارية، ومشاركتها في الأعمال المسلحة، بسبب قدرة النساء على التخفي.
لم أشك للحظة واحدة، وأنا أقرأ مقالها -ذات مساء- من مجلة «صدى الملاحم»، في العدد «13»، تحت عنوان: «أحقاً أسرت يا أم رباب؟». وهي تحث النساء السعوديات، بهدف الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، قائلة: «يا نساء أرض الحرمين الطاهرات العفيفات الملتزمات بدينهن، إذا عجز الرجال عن الدفاع عنكن، والمحافظة عليكن؛ فتعالين إلى أسود الله المجاهدين في جزيرة العرب؛ ليكرموكن، ويذودوا عنكن. فلن وربي يصل إليكن أحد، إلا وقد قُتل من دونكن الرجال من المجاهدين، -ولا نزكيهم على الله-». أقول: لم أشك أبداً، أن تتراجع -يوماً ما- عن اندفاعها غير المدروس، وتعاطفها غير المحسوب، بعد أن أقحمت نفسها، وأطفالها الثلاثة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وكان مصيرها أن اختبئت في جبال وكهوف اليمن، مع فلول الإرهابيين.
هذا الاعتراف الذي نقلته صحيفة «عكاظ»، في عددها «16117» عن وفاء الشهري، يشكل نقطة تحول، ومنعطفاً جديداً، بعد أن تعرضت هذه المرأة لأيديولوجية متشددة، وغطاء إعلامي غائب، استخدمه القاعديون في تنفيذ مخططاتهم الإرهابية؛ لخلق نوع من التوازنات اللامشروعة. حين غرر بها، بأنها صاحبة رأي ونفوذ. فوقعت فريسة عاطفتها وجهلها ومداراتها لأزواجهن وذويهن، واخترقت فكرياً من باب الغلو في التدين. وهو ما يكشف في المحصلة النهائية، أن مستقبل تنظيم القاعدة في اليمن مظلم. كما يكشف حالة الإرباك والتخبط والقلق واليأس، التي تعيشها خلايا التنظيم القاعدي، وعدم قدرته على التركيز، واضمحلال قواه التقليدية المزعومة. وهذه هي المعادلة الأحادية لفكر منحرف، فالعنف ليس هو الحل.