الذين يملكون المال لا ينتظرون اتصالاً من مستشفى حكومي قد لا يجيء أبدًا، وقد يجيء ولكن بعد فوات الأوان. الذين يملكون المال يتبضعون بأنفسهم الأعضاء المناسبة لهم المعروضة في بورصات دول عربية وشرق آسيوية. حتى من لا يملك المال تستنفر قبيلته وتشتري له كبدًا أو كِلية من هذه الدول؛ فلا كانت العزوة أن تركت ابنا لها يغسل كليته ثلاث مرات في الأسبوع أو يستسقي بطنه من فشل الكبد وهو ينتظر في قوائم المستشفيات المكتظة لسنوات عديدة. المرض هو أشد امتحان وابتلاء للمريض وأهله، وهو تجربة مريرة بكل المقاييس قد تدفع الإنسان إلى قبول أي حل حتى لو كان مغامرة، لكن هذه العمليات غير قانونية، ويتم إجراؤها بعيدًا عن أعين الرقابة، وفي جنح الظلام، وعلى يد أطباء وطواقم فنية غير مؤهلة؛ لأن المهني المتميز لا يغامر باسمه وسمعته فيما هو غير مرخص ومشروع. كثير من المرضى يخسرون حياتهم بهذه العمليات، وتصل جثامينهم تشيعها حسرة أهاليهم الذين لا يملكون الحق في مساءلة أية جهة؛ فهم في الأصل خالفوا الأنظمة بشراء أعضاء من أحياء مستغلين حاجة هؤلاء وفقرهم (يعني ما لهم قبيلة).
التشجيع على التبرُّع بالأعضاء بعد الموت في حال الحوادث المرورية وغيرها مهمة رجال الدين والدعاة وخطباء المساجد؛ فعليهم دور كبير في حث الناس على حمل بطاقة الموافقة على التبرع بالأعضاء.
كما أن على وزارتي الصحة والإعلام تبنى مجموعة القيم الإنسانية، ومنها التبرع بالأعضاء، وتتولى بثها في مؤسساتها المختلفة، مع إدراكنا جميعًا لحقيقة أن الخطاب الديني هو المؤثر الأكبر في ثقافة المجتمع، وعليه أن يعالج مثل هذه المخالفات الكبيرة، ولا ينشغل بالقضايا التي تسطح الخطاب الديني وتبقيه في دائرة المظهر البسيط على الرغم من أهمية دوره في تعديل سلوكيات أكبر خطرًا وأعمق أثرًا. كما أن وسائل الإعلام مطالبة بالحث على التبرع بالأعضاء وإظهار مميزات هذه الخطوة التي تحيي نفسًا بإذن الله تصديقًا لقوله تعالى ?وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً?. وفي ذلك تصحيح كبير لوضع يقدم عليه البعض اضطرارًا مع علمهم بحرمته ومخالفته للدين وللقيم الإنسانية، وهو استغلال الفقراء وشراء أعضائهم السليمة بوصفها قطع غيار لأجساد الأثرياء.