تتباين الدول سواء (الغنية) أو (الفقيرة) في مستوى الرقي والتقدم الذي تعيشه ومستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين والمقيمين، ويأتي ذلك التباين كنتيجة حتمية لمدى استغلالها الأمثل للموارد المتاحة. وفي تصوري أن أسهل طريقة للحكم والتعرف على مستوى التقدم والخدمات المتوفرة في أي بلد كان هي من خلال المقارنة مع بلدان أخرى.
شخصياً أحرص كثيراً في أي رحلة أقوم بها خارج المملكة على الاستفادة من الرحلة من خلال التعلم من تجارب البلدان التي زرتها وذلك من خلال أسلوب الملاحظة المباشرة ومن ثم المقارنة مع ما هو في بلدنا الغالي، وليس المقصود هو النقد لمجرد النقد. ولعل أول ما يلفت انتباه أي مسافر هو المطار وإمكاناته المتاحة وكذلك أسلوب الاستقبال المتبع.
في آخر رحلة لي الأسبوع الماضي للمكسيك مروراً بعاصمة الضباب (لندن)، أعجبني مستوى التقدم والرقي الذي تعيشه بلد مثل المكسيك والتي تعاني من كثافة سكانها والفقر والبطالة، وهي بلد إمكاناتها ضعيفة ومواردها محدودة جداً ولكن لديهم استغلال أمثل وسليم للموارد المتاحة مقارنة بغيرها من الدول الغنية والمتقدمة، فالمطارات تتميز بتوفير كافة الخدمات للمسافرين ومنها المطاعم والاستراحات ودورات المياه النظيفة، وصالات متميزة لركاب الدرجة الأولى والأفق، وتعاون مميز مع المسافرين من المسؤولين في المطار، ولحظت وضع كاونترات صغيرة إرشادية خاصة بتزويد المسافرين بالمعلومات والإجابة على استفساراتهم.
كما أن الطرق والمواصلات من المطار وداخل البلد متاحة بشكل نظيف ومرتب والأسعار محددة، والمرور منظم، ولا توجد حوادث، وهناك احترام تام لرجل المرور.
وعندما أقارن مشاهداتي في ذلك البلد مع ما لدينا في المملكة، أضع أكثر من علامة استفهام وتعجب، فكيف بنا ونحن نعد من أغنى بلدان العالم، نعجز عن استغلال مواردنا المتاحة استغلالاً أمثلاً على الرغم من دعم الحكومة وحرصها على أن نكون من أفضل البلدان. فمطاراتنا والخدمات المقدمة فيها، للأسف، لا تعكس إطلاقاً ما يتوفر لدينا من إمكانات مادية وبشرية فالخدمات محدودة والصيانة شبه معدومة ودورات المياه سيئة ولا تحظى بأي اهتمام، الأسواق الحرة في مطاراتنا موجودة على استحياء وهي محتكرة لشركات معينة!! ولا توجد نقاط للاستعلامات وإرشاد المسافرين. ولدينا عند وصول المسافر يكون في استقباله عمال نقل الحقائب وهم من يرشده إلى مكان سير العفش حيث لا توجد لائحات إرشادية، وعند الخروج من الصالة لا يستطيع المسافر أن يتحرك بسبب تنافس سائقي الأجرة المرخصين وغير المرخصين في ملاحقته في مناظر غير حضارية تشكل إرباكاً للقادم للمملكة وتعكس مستوى التنظيم لدينا.
ما الذي ينقصنا إذا؟ فالحمد لله العقول موجودة، الموارد متاحة، دعم الحكومة مستمر. وفي رأيي أن ما ينقصنا هو التطبيق والتنفيذ والتعلم من تجارب الآخرين، والمطلوب هو السعي الجاد نحو تفعيل تطبيق الخطط الموضوعة، فلابد من وضع أهداف محدد الوصول لها وبتوقيت واضح، عدى ذلك فلن يتغير لدينا شيء وسوف نستمتع بسفرنا لدول أخرى لأننا محرومون من هذه المتعة في بلدنا، بسبب عدم استغلالنا لمواردنا المتاحة.