الاسم: منيرة, اللقب: (الظفرة) أو (السنعة), جهة إطلاق اللقب: المجتمع من حولها.
الحالة: أفنت عمرها وأمضت زهرة شبابها وأجمل أيامها في خدمة الحمولة وزميلاتها في العمل والمجتمع, حيث عُرف عنها أنها لا تدلف إلى مكان إلا ومعها طبق شهي أو معجنات وحلويات لذيذة, وأنها العضو المشارك الدائم في المناسبات, الجدير بالذكر أن رقماً كبيراً جداً من مالها المدخر يصرف على تلك الحفلات والعزائم والدوريات، وكثير منهن لا يعاملونها بالمثل, وأنها مقيدة بسلاسل غليظة لا تقوى أو تجرأ على نزعها حتى أو حتى التفكير بذلك حتى لا تفقد هذا اللقب (المقلب) الذي خسرت وتنازلت عن كافة حقوقها ومشاعرها بسببه.
الاسم: أبو مساعد، اللقب: الحاتمي, جهة إطلاق اللقب: الأصدقاء، التاريخ: منذ أكثر من عشرين عاماً.
الحالة: مرت السنوات وهو يعتقد أنه (صخي) وكريم ككرم حاتم الطائي حيث أغرقه أصدقاؤه في هذا اللقب وجعلوه يتغلغل ويتجذر في أعماقه حتى صدق أنه خليفة حاتم الطائي الذي يغذي أصدقاءه المستفيدين من صديق صدق أن الكرم ظاهرة غذائية لا أكثر، فأصبح يقيم ولائم معتبرة دائما, وفي كل مناسبة له علاقة بها أم لا, على ذبائح إلى جانب مأكولات شهية تحضرها أم مساعد التي كان قدرها أن تكون الشيف المتفاني لأصدقائه, والزوجة المضحية لزوج لا يملك بالبنك رصيداً يؤمن به مستقبل أبنائه, بل كل ما يملكه فواتير تتصاعد كلفتها لدى (الخضرجي) واللحام والبقالة المجاورة!.
الاسم: لطيفة، اللقب: (أم دميعة) جهة إطلاق اللقب: العائلة والأقارب.
الحالة: ولدت لطيفة وكبرت وهي تحمل في عينيها دمعة قريبة تذرفها في كل موقف حزين أو سعيد أو ما بينهما! مرت السنوات وهي تعتقد أنها الابنة الحساسة الشاعرية, التي يفضل عدم توجيه أي انتقاد أو ملاحظة أو حتى سؤال مباغت لها، فقد زرعت فيها العائلة أنها كذلك, فظلموها حين طبعوا هذا اللقب عليها, حتى أضحت تواجه أبسط المواقف والكلمات بكثير من الدموع والألم, فكم واحدة منكن أيتها النساء كانت شخصية طبيعية فجعلها المحيط من حولها (أم دميعة) وبفخر؟!
الاسم: راشد، اللقب: (بايعها)، جهة إطلاق اللقب: شلة المدرسة.
راشد طالب في إحدى المدارس, رفض ذات غضب المثول لأوامر مدير المدرسة فالتصق من حينها به لقب (بايعها) أو ألقاب شبيهة مثل المتهور, فانتفخ وتورم ذلك اللقب في داخله وصار معروفاً على مستوى المدرسة والأصدقاء به, حيث كان يسمع عبارات مثل: (ياخي والله تعجبني بايعها وما يهمك أحد!) وأصبح المتطوع الرسمي لكل مهمة فيها خطورة أو حتى قلة احترام مع المعلمين والإدارة.. فهو أول تجرأ على التدخين في حمام المدرسة, كما كان أول من خاطر بالهروب وسرقة أوراق المعلم الخاصة بالدرجات.
حتى يومنا هذا ما برح راشد مسكوناً مزهواً بذلك اللقب الذي أرضى غروره ورغبته بالشهرة والشعبية على الرغم من أنه طرد من المدرسة وكان سبباً في مرض أبيه الذي ضاقت به السبل لإصلاحه وطرد هذا اللقب عنه.
الألقاب كثيرة والمعاناة الناتجة عنها أكثر, وهذه ما هي إلا أمثلة بسيطة, لواقع مرير نتج عن عالم الألقاب وضحاياه, فهناك العديد من الألقاب منها للزوج الذي قد يكون متفاهما ومنسجما مع زوجته وموزع المهام وقيادتها بينهم حينها قد يحظى بشرف لقب: (خريّف مويضي) والذي يعني: الخاضع لزوجته ولأوامرها, أو أن يكون الابن باراً بوالدته قريباً منها صديقاً لها, يخرج معها, يثق برأيها, حينها للأسف قد يوصم بأنه (ولد أمه)! أو ذلك اللقب الشهير الذي يطلق من هو طيب القلب صادق الشعور متعاطف مع الآخرين, سوف يحظى على الفور بقلب: (يا حليله على نياته)، أو من يكون متفوقاً بالدراسة فهو (دافور) قد يكافح ليتدنى مستواه الدراسي لكي يتخلص من هذا اللقب المخجل برأيه! أو من لا يعتمد عليه ينال لقب (ما عندك أحد)! والتقليدي صاحب الأفكار القديمة ومن يرفض ويهاب التغيير والتجديد والمغامرة هو (ولد عجوز).
أرجو أن لا يفهم البعض أنني ضد الكرم أو المبادرات الجميلة والقيم ولكني ضد أن يكون ذلك على حساب صحة الإنسان وماله وسعادته الشخصية!.
كما أني لا أمانع إذا كان صاحب اللقب هو فعلاً صاحب لتلك الشخصية وأفعاله هي أطباعه, وأفكاره هي قناعاته الشخصية, وليس انعكاسا مثاليا لما يريده البعض له أو أحياناً لهم!.
فكم واحد يا ترى كان أسير لقب لا يشبهه لا من قريب أو بعيد؟! وهو أبعد ما يكون عن شخصيته وأطباعه وأضحى مسكوناً به وبعقله الباطن يحاصره ويقيده ويخنقه يوماً بعد يوم, ثم يفيق متأخراً من (صحوة اللقب) ليكتشف أنه لا يريده بل يكرهه ويتمنى الخلاص منه, ولكن بعد أن فقد وخسر بسببه الكثير من الأيام والأحباء بل وحتى الفرص.
هذه هي الحقيقة ودون الحقيقة لا تستقيم حياة البشر, لأصدقائي أصحاب الألقاب أقول.. تأمل بعمق, وفكر بصدق هل أنت راضٍ عن هذا اللقب ومرتاح إليه وتشعر أنه يمثل شخصيتك الحقيقة أم هو انعكاس لما يتصوره الناس عنك و يريدونه لك؟!
إن لم يكن كذلك فانزعه عنك وتجرأ على الخروج من تلك الدائرة السحيقة وتنازل بشجاعة عن هذا اللقب إلى الأبد لتحصل على لقب أسمى وأثمن هو أنك مستقل وحر من الدخل وهو الأهم, وقد تسمع وتستشعر تساؤلات مستنكرة ورافضة لهذا التغيير المفاجئ من أناس مستفيدين من لقبك منها: (وش فيك تغيرت معد صرت فلان اللي نعرفه؟!).
جاوبهم بجرأة وشموخ واكسر حاجز الخوف داخلك وانطلق إلى عالم أجمل وأكثر متعة واستقلالية حيث لا وجود للألقاب إلا تلك التي تخلقها وتصنعها أنت لنفسك لا الآخرين!.
نبض الضمير
(لا أحد يحب قيوده ولو كانت من ذهب).