كم هو مثير للاستهجان والاستغراب أن يجعل أصحاب المصالح الشخصية المتسمة بالأنانية المفرطة، من الشباب كبش فداء لمصالحهم الخبيثة، حيث يجعلونهم وقودا لنيران مطامعهم التي لا تنتهي، سواء أكانت هذه المطامع مادية أو سياسية أو عسكرية.
فكلما سمعنا عن تجارة مخدرات هائلة أسقطتها القوى الأمنية بفضل من الله، أو عرفنا أن الجهود الحكومية ضربت قوى إرهابية ضربات استباقية، أو ما أشبه ذلك من أحداث، فإن جميع أبناء المجتمع رجالا ونساء يشعرون بألم بالغ، لأن شباب هذا الوطن هم المستهدفون من قبل أصحاب المآرب دونما شفقة أو رحمة أو خوف من الله تعالى.
مع أن الملاحظ أن شبابنا فيهم الخير الكثير، ول كنهم يحتاجون لكل يد حانية محتسبة، كي تأخذ بأيديهم نحو طريق الحق والسداد والأمن والرفعة لهذا الوطن، بدلا من تعريضهم للضياع في سبيل تحقيق أغراض مشبوهة، فالشباب مسئولية الجميع، نعم الجميع بدءا من الأسرة ونهاية بكل مواطن ومواطنة، فهي دعوة لهم جميعا أن يستشعروا تجاههم روح الأبوة والأمومة.
ثم مرورا بكل صاحب رأس مال أو تجارة بأن يجعل لابن البلد الأولوية على الغريب، لأن مصلحته ومصلحة الوطن تصبان في نهر واحد يروي ظمأ جميع أبناء البلد وبناته، حيث إن النفس تشعر بالأسى البالغ إزاء ما ينشر في الصحف من أخبار القبض على شباب في مقتبل العمر، نتيجة سرقات تودي بهم إلى غياهب السجون لمدة زمنية طويلة تصل إلى أكثر من عشر سنوات تضيع معها زهرة صباهم، إضافة لما يتبعها من عقوبات تصل لحد الجلد .
إن مما يؤلم حقا هو أن كل الجرائم المغرضة تستهدف الشباب أكثر مما سواهم، حتى تجارة الأفلام الخليعة، والأقراص المضغوطة المفسدة، والأشرطة الإجرامية كلها موجهة للشباب، لاسيما شباب الخليج وخاصة السعوديين لأنهم الأكثرية الغالبة، وينطبق الحال على القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية المفسدة فهي تريد الاستفادة المادية الجشعة عن طريق الإساءة لشبابنا وشاباتنا.
لأن كل هؤلاء المنتفعين من وراء الشباب هم من أصحاب المصالح المشبوهة، حتى بعض أصحاب المطامع السياسية يجعلون الشباب الصغار وقودا لأطماعهم الماكرة، بينما هم مختبئون من خلف الأسوار والجدر بكل جبن ينتظرون أن تكون أجساد الشباب الغضة مطية للحصول على مطامعهم، حيث يرجون من وراء هؤلاء الشباب أن يكونوا جسرا يمضي بهم إلى الحصول على ما يريدون من منافع، بينما تعود تلك الأمور على شبابنا ومجتمعنا بالشر المستطير.
لقد طفح الكيل وامتلأت المستشفيات بالشباب المدمنين للسموم المهلكة، والجرائم الأخلاقية، واكتظت السجون بالمغرر بهم من الفتية الصغار سياسيا واجتماعيا، وأكثر ما ساهم في ذلك أولئك الذين بخلوا عليهم بالتوظيف من أصحاب رؤوس الأموال من أبناء وطنهم، فتركوهم عاطلين مرميين للعصابات المنظمة الظاهرة والخفية منها، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، فليت هؤلاء يعلمون أن تلك الأفعال المريبة وغير المسئولة تمحق بركة أموالهم، وكذلك تعيق تحقق مصالحهم.
ولكن ليس معنى ذلك أن يخلي الشباب أنفسهم من المسئولية تجاه ما يحدث لهم من ملمات، فهم محصنين دينيا وواعين علميا، ويعلمون أن كل نفس بما كسبت رهينة، ودورهم في بناء الوطن من خلال بناء ذواتهم بناء سليما قويا هو كبير جدا، لذا يستدعي منهم تحمل معظم المسئولية الإيجابية، والاعتماد على الله ثم على الذات إذا عز المعين في زمن الأنانية المغلولة .