في 13-1-2007م صدر قرار من مجلس هيئة السوق المالية بتعليق تداول شركة بيشة الزراعية وذلك بسبب إعلان الشركة عن خسائر استهلكت أكثر رأس مالها.
وكان سبب الخسائر أن الشركة باعت في مزاد علني أسهم مساهميها الذين لم يدفعوا القسط الثاني من رأس المال واحتفظت بحصيلة البيع أمانة لأصحابها، ولكنها مع ذلك استثمرتها في محفظة في سوق الأسهم. وبعد انهيار السوق انخفضت هذه المحفظة جاذبة معها الشركة إلى مشارف الإفلاس فبادرت الهيئة بإيقاف تداولها.
ومنذ ذلك الوقت غابت الشركة عن رادار الجهات التنظيمية ودخلت في ظلام دامس وتصدى لذلك المراجع الخارجي للشركة لوحده، ونشرت صحيفة مشهورة مقالا تحت اسم مستعار عنوانه (أموال الأيتام على مائدة مجلس إدارة شركة بيشة) وضع فيه النقاط على الحروف ولكن لا قراءة ولا قرار.!
واحتار مساهمو الشركة العشرة آلاف في أمرهم وحفيت أقدامهم بين هيئة السوق ووزارة التجارة دون طائل، وحاولوا عقد جمعياتهم العمومية لانتشال الشركة لكن الجهات التنظيمية رفضت منح الشرعية لتلك الجمعيات، وحاولوا بيع أسهمهم خارج تداول فتعذر عليهم ذلك بسبب حجزها لدى مركز الإيداع.
وحتى الآن وهذه المأساة دون أية جهود ملموسة للحل. وعلى سبيل المقارنة كانت شركة جنرال موتور الأمريكية العملاقة مدرجة في بورصة نيويورك، ثم واجهت مصاعب مالية في منتصف 2009م وطلبت الحماية من الإفلاس، فألغت بورصة نيويورك إدراجها في 2-6-2009م، ولكن استمر تداول أسهمها في السوق الموازي، ودعمتها الحكومة الأمريكية بحوالي مئتي مليار ريال، وأعادت الشركة هيكلة مشاريعها، وزارها الرئيس أوباما وكبار المسؤولين، والآن نهضت الشركة من كبوتها وتقدمت إلى هيئة الأوراق والأسواق الأمريكية بطلب العودة للتداول، ومن المتوقع أن يتم ذلك خلال الأسابيع القادمة.
كل هذه التطورات جرت في أقل من سنتين وفي المقابل مر حوالي أربع سنوات منذ إيقاف تداول أسهم شركة بيشة دون وجود أي ضوء في نهاية النفق، ودون عمل إيجابي من الجهات التنظيمية سوى الرفض؛ رفض تداول أسهم الشركة في السوق الموازي ورفض عقد جمعية المساهمين.
لا يوجد في رأيي أي عذر للجهات المعنية، وأعتقد أن هذه المسألة يجب أن تُدرس بعمق ويُستخلص منها الدروس حتى لا تتكرر، فثقة المستثمرين في سوق المال هي رأس المال.