تتمتع البنوك في المملكة بالعديد من الامتيازات والتي لا تتوافر لغيرها من البنوك في بقية دول العالم، فرؤوس الأموال المستثمرة في البنوك السعودية لا تخضع للنسب الضريبية العالية، إضافة إلى ذلك، فإن المجتمع السعودي مجتمع مسلم متمسك بالقواعد الشرعية والتي بسببها نجد أن غالبية المواطنين يودعون أموالهم في حسابات جارية بدون فوائد لدى البنوك مما يعني انفرادها لوحدها بتلك الفوائد، الجدير بالذكر أن مجموع الأرباح التي حققتها البنوك في المملكة خلال العام المنصرم (2009 -2010) فقط تتجاوز عشرات المليارات من الريالات.
والسؤال هنا: ماذا قدمت البنوك في المملكة للدولة من جهة ولأبناء هذا الوطن من جهة أخرى في مقابل ذلك؟ الجواب: وبكل أسف هو أن البنوك في المملكة لم تقم برد ولو جزء يسير من الجميل سواء للدولة أو لأبناء هذا الوطن.
الأمّر من ذلك أن البنوك السعودية لا تتردد في الإضرار بالمواطنين من خلال قيامها بفرض الفوائد المركبة عند إقراضها للمواطنين لهم مستغلة في ذلك تلك الفتاوى الشرعية التي ارتكزت على المبالغة في تنامي ربحية البنوك على حساب مصلحة المواطن المحتاج للقرض لتأمين احتياجاته الأساسية، ما جعله يتناسى تلك النصوص التعسفية والصيغ الإذعانية التي دستها البنوك في اتفاقية القرض في ظل تجاهل وسكوت غير مبرر من قبل مؤسسة النقد.
فهل يعقل أن يكون هناك بنوك غالبية أموال المودعين لديها حرة من الفوائد، ومع ذلك لا تتردد في إرهاق المواطن بفوائد عالية مركبة وذلك عند قيام هذا الموطن باقتناء أي من حاجاته الأساسية عن طريق الإقراض والتقسيط.
ألا تعلم مؤسسة النقد بأن آلية الإقراض ذات الفوائد المركبة التي تتبعها البنوك يغلب عليها الضبابية وعدم الشفافية، ألا تعلم مؤسسة النقد أن البنوك لا تعلن التكلفة السنوية الحقيقية للقرض، ألا تعلم مؤسسة النقد بأن نسبة الفائدة المعلنة من البنوك (4 ـ 5%) تقريباً، في حين أن ما تتقاضاه البنوك من فائدة هو أضعاف تلك النسبة، وأود أن توضح ذلك للمقترض، ألايعتبر ذلك نوعاً من التضليل الذي تمارسه البنوك بمباركة من مؤسسة النقد، ثم ألاتعلم مؤسسة النقد بأن البنوك لدينا تقوم بحساب الفائدة على المقرض وفقاً للسنة الميلادية والتي يزيد عدد أيامها عن السنة الهجرية، في حين يقوم المواطن المقترض بسداد القرض وفقاً لأشهر السنة الهجرية، ألايعتبر ذلك ضرباً من ضروب الخداع الذي تنتهجه البنوك بحق المواطن.
مؤسسة النقد أيها السادة هي من يتحمل مسؤولية تلك المعاملة التي يغلب عليها طابع الفوقية والأنانية من قبل البنوك تجاه المواطنين، وعلى الرغم من شكاوى المواطنين المستمرة بشأن المعاناة التي يواجهونها بسبب تلك القروض ذات الفوائد المركبة، إلا أن المؤسسة تواصل موقفها السلبي والذي لا يأخذ في الاعتبار سوى مصلحة البنوك، حتى لو كان في ذلك إضرار بالمواطنين. نعم، مؤسسة النقد تدرك أن استمرار البنوك في فرض آلية الفائدة المركبة عند إقراضهم للمواطنين، يؤدي إلى مضاعفة أرباح البنوك وتقوي المراكز المالية لتلك البنوك، إلا أن مؤسسة النقد تجهل أو تتجاهل أن استمرار تلك الآلية قد أدى إلى الكثير من الكوارث الأمنية والاجتماعية والصحية والاقتصادية التي تعرضت لها الأسرة في المملكة بسبب عدم قدرتها على سداد تلك القروض ذات الفائدة المركبة وذلك بسبب مبالغة البنوك في تلك الفوائد.
ولذا فإنني أرجو أن يتم دراسة هذا الموضوع من قبل لجنة يشارك فيها كل من المجلس الاقتصادي ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المالية بدلاً من ترك الموضوع لمؤسسة النقد والتي لا يعنيها سوى السياسة النقدية والملاءة المالية للبنوك بغض النظر عن مصلحة المواطنين.