هناك دوماً أحاديث جادة عميقة، أو عفوية سطحية، عن أن هذا المجتمع أو ذاك، يواجه حملة «تغريبية». ويحاول أصحاب هذه الأحاديث أن يضعوا أمامك مجموعة من القرائن والمؤشرات والأدلة والبراهين، وربما يحددون لك أوجه الحملة.
لكنني في نفس الوقت، أحاول أن أطبِّق خلاصة ما أسمعه من هذه الأحاديث على أرض الواقع. وحينما أفعل ذلك، أجد من الصعب عليَّ قبول فكرة أن الإنسان في المجتمع العفوي، الذي كل شيء فيه عفوي، ابتداءً من القناعات الذاتية لذلك الإنسان وحتى الخطط التنموية التي توضع له، لا يمكن أن يكون هدفاً ملائماً للمخططات الفكرية والاقتصادية والسياسية لحملات أو «مؤامرات التغريب»، لأنه ببساطة ليس مؤهلاً لأن يكون كذلك. ولنفترض جدلاً أنه صار، وبشكل عفوي، هدفاً ملائماً لهذه المؤامرة، هل سيكون بمقدوره أن يكون عنصراً فاعلاً فيها وفي حضورها المستقبلي؟!
أنا مع أن نبني الإنسان بناءً صلباً، ابتداءً من يوم حياته الأول، وأن نصنع له مستقبله الخلاَّق المنتج، وأن نوفر له كافة المعطيات التي تضمن له الحياة الحرة الأبيَّة. وبعد ذلك كله، ربما سأخاف عليه من الحملات والمؤامرات التغريبية. أما غير ذلك، فلا أظن أن علينا أن نقلق، فالغريق أصلاً لا يخشى من البلل!