ثمة حقائق لا تبعد عن الفهم، بأن كل متغير له وجه من الإيجاب وآخر من السلب، وكل مجتمع يتعرض للتغيير, لا محالة سيأخذ من إيجابيات التغيير ومن سلبياته، تماما كما هي الطبيعة في كل مكونات خلق الله تعالى، لا يتم أمر بكمال، فالكمال لله وحده ولا غير.., غير أن هناك خططا لابد أن توضع عند رسم سياسات التفاعل, مع معطيات الانفتاح، والاندماج، والأخذ من الآخر، والتعرض لخبراته، واتباع مناهجه، والحذو نحو خطواته، بدءا بالآخر البعيد، كما هو الحاصل في النهج القائم للاندماج في المجتمع العالمي, والاستفادة من خبراته في شتى المجالات، وعلى ما في هذا التوجه من إيجاب، غير أن فيه ما يستحب أن يتنبه له حين بدء تطبيق هذا التلاحم وهذا الأخذ، ولعل آخر الخبرات السالبة التي حدَّثت بها الصحف صبيحة أمس الأول في هذا الشأن، هو الإضراب والشغب، اللذين أحدثتهما ثلة من العمال المشاركين في بناء مشروع قطار المشاعر, وهم من الصين، نافرون لا يعبرون عن احتياجهم, ورغباتهم بأسلوب هادئ, بل بالعنف والإضراب، وفيهما سلوك غير مناسب لخبرات مجتمعنا في آداب السلوك، وأخلاق التعامل، والأرجح كان الظن أن خبراتهم كذلك, وهذا سلوك من الممكن أن ينتقل بخبرة الاحتكاك, وبتأثير المشاركة في العمل لنظرائهم. وكان من المتوقع أن يكون الأجر على قدر المشقة، وأوقات الراحة تناسب بيئة العامل، واختلافها مع بيئة التنفيذ, لما يقوم به من مهمة ليست في خبرته بيئتها ولا أجوائها. فثمة ثقافة قيّمية تجذرت في أخلاق وسلوك أفراد المجتمعات المختلفة الوافدة لمهامها، لا ينبغي تجاهلها حين الترابط والاندماج والمشاركة، وذلك للفصل بين ما فيها من سالب لا يتناسب مع المجتمع الحديثة علاقاته بأفرادها، وبين ما يمكن أن ينتقل منها.., فالجريمة على سبيل التمثيل, قد تعلم خططها وأساليبها الناس أول ما تعلموها، عن السينما والمسلسلات حية ناطقة, بعد أن كانت مجرد أفكار على ورق القصص المترجمة، ثم اتسعت في كل مرئي ومسموع ومعالج من أخبارها.., الفكرة هنا, ليست إغلاق الانفتاح على خبرات المجتمعات الأخرى، فتيارات الواقع أقوى، بل هي نتائج واقعية لدولبة الحياة، ومسارها، وفي هذا ما يكسب الفرد خبرات جديدة أكثر ملاءمة للزمن, وأبعد مضاء في تهيئة شاملة لمسايرة العالم، إلا ما كان من طمي السيل،وخشاش الريح.. لذا ثمة ما يحتاج للحفاظ عليه من قيم التعامل, والتفاعل والأداء، سلوكا وفكرا وتطبيقا.., في كل أمر، وإن كان في شأن عامل بناء، أو عامل حفر.., فاتقوا خشاش الريح، وطمي السيل.