تعد إمامة الجمعة وخطبتها رسالة عظيمة، ومهمة جسيمة فهي ميراث النبوة ووظيفة الرسل أجمعين، بها يكون تعليم الجاهل، وإيقاظ الغافل، وهداية السالك إلى صراط مستقيم، من خلالها تسمو النفوس وتزكو الضمائر وتتهذب الأخلاق وتعرف السنن من البدع، والخير من الشر..
والأمة كونها أمة وسطاً.. عقيدة وشريعة فإن عليها مسؤولية عظمى، ومهمة كبرى وذلك بأن تقوم بأكمل منهج وأقومه في العقيدة والأخلاق والتشريع على منهج وسطي مستقيم، منهج الله الذي يضمن للإنسان والمجتمع الحق والخير، ويحقق له السعادة والأمن، وذلك بالأساليب والطرق الحكيمة الرشيدة التي أرشدها الله سبحانه وتعالى في قوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} بعيداً عن الغلو والتطرف.. فخطيب الجمعة له الدور المتميز في بيان وسطية الإسلام القائم على الحق والعدل، واليسر والسماحة والرفق واللين (ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه).
انطلاقا من هذا فإن وزارة الشؤون الإسلامية والمتمثلة في فرع منطقة الرياض تشكر على تلك المنهجية الفكرية التوعوية والتي خصت بها خطباء جوامع الرياض والمتمثلة في إقامة سلسلة من اللقاءات مع كبار العلماء، بدءا بذلك اللقاء الذي تم مع سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ والذي بين فيه أهمية دور الخطيب وصفاته والواجب عليه والمنهجية الحقة التي ينبغي أن يتعامل بها مع قضايا المجتمع البعيدة عن التشنج والتهييج أو تتبع الهفوات وتضخيمها أو الإغراق في الجزئيات وإهمال أسس الدين كالتوحيد والفرائض.
أقول: ما أجمل أن يستشعر الخطيب واجبه وأن يدرك أحوال المصلين معه وتنوع مداركهم وأهم احتياجاتهم، وأن يكون ذلك الخطيب ممن يؤلف ولا يفرق.. يحرص على اجتماع الكلمة ووحدتها، وعلى السمع والطاعة لولاة الأمر والدعاء لهم وتأليف القلوب عليهم.. آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر على بصيرة وفقهٍ .. ذو علم ومعرفة، متحليا بالحكمة والأناة.. لا ينجر خلف الإشاعات، ولا يكون محلا للاستفزاز.. حليما رحيما بمن حوله.. قدوة حسنة في أقواله وأعماله.. يقدر حال الزمان ومكانة المكان.. يُعد الخطبة الإعداد الجيد المؤصل شرعا.. لا يختصر في خطبته الاختصار المخل ولا يطيل الإطالة المملة (فطول صلاة المرء وقصر خطبته مئنة من فقه).
أخيراً.. ليعلم خطباؤنا الأفاضل أنهم على ثغر من ثغور العلم والخير والدعوة، فهنيئا لمن قام بحقه وأداه حق الأداء.. وشكراً لهذا التواصل وهذا الجهد من فرع الوزارة من أجل تحقيق الوسطية والأمن الفكري للمجتمع.