قالت العرب: مَنْ تكلّم في غير فنه أتى بالعجائب.
تذكرت المسلسلات المصرية حينما كانت مصدر التسلية الوحيدة في التلفزيون في التسعينيات الميلادية، وكنت وقتها أتابعها كثيراً وأتذكر كيف كان الأبطال الشباب يعانون دوماً مما يسمى ب(سوء التوزيع)، ويقصد به توظيف خريج الزراعة محاسباً وخريجة التجارة معلمة تفصيل! تذكرتها وأنا أقرأ عن الاستعدادات الجارية حالياً للانتخابات القادمة لجمعية التشكيليين (جسفت)، وأخشى أن ينطبق هذا المثل عليها.
نعم أخشى ما أخشاه في انتخابات جسفت القادمة أنه بدلاً من أن يتولاها من لهم باع وتجارب وتاريخ، ليس على الصعيد المحلي فحسب، ولكن أولئك النجوم الذين أنارت سيرتهم واتبعوا الحداثة بمفهومها العالمي دون قيود وهمية يرفع شعاراتها الضعفاء الذين لا يحملون أدوات التميز والإبداع في مجال الفنون البصرية.. نعم أخشى أن تقوم قائمة أولئك الذين لم تكن للمشاركات العالمية والجوائز والمعارض والبيناليات دور في حياتهم الفنية؛ ليصبح السعي خلف كرسي الرئاسة وتحقيق مآربهم الشخصية حلمهم وشغلهم الشاغل. علينا أن نتأنى في الترشيح والانتخاب؛ فماذا يفيدنا من لا يملك خبرة؟ أو من لم يتخصص بشكل أكاديمي في مجال الفنون البصرية؟ أو من كان حديث عهد بالمجال دون أن يكون قد تبيّن له من خلال طروحاته الفنية فكر واضح محدد يتناسب مع مفاهيم الفن المعاصر القائمة اليوم؟ ألا يكفي أن الجمعية أصبحت تعطي العضوية لكل من تقدم لها؟ هل نريد بذلك إقصاء أصحاب التميز وتقديم غيرهم؟..
ولكن قد لا يقع اللوم عليهم وعلينا بوصفنا أعضاء نبحث عمن نرشح وننتخب! أتدرون لماذا؟
لأن المتخصصين أو الناجحين في هذا المجال بعيدون عن الجمعية، وهم في الغالب إحدى حالتين: إما ذوو خبرة في المجال الإداري للأنشطة الفنية، والكل يبحث عنهم، وهم تحت ركام من التكليفات، في زمن بدأت فيه عدد من الجهات المحلية والعالمية بالبحث عن تلك القلة القليلة من المتخصصين في استشارات أو غيرها، (بل إن هذا ربما كان السبب وراء بعض التقصير في إدارة المجلس السابق)، وإما أن يكونوا من الفنانين الممارسين الذين بالكاد يجدون الوقت للممارسة الفعلية من أجل المشاركات العالمية (لا المحلية فقط)
فما بالك بإدارة جمعية خلت من الدعم المادي والمعنوي من قبل حتى أعضائها؟!
لذا لن أزيد على ما سبق سوى العبارة الآتية: تأنوا أيها الفنانون والفنانات في اختيار أعضاء مجلسكم.. إذا كنتم لا تزالون مهتمين بهذه الجمعية!.
JAZPING: 7816