خصصت حلقة برنامج «همومنا», التي بثتها القناة الأولى بالتلفزيون السعودي -مؤخراً- عن الأغلاط التي جاءت في كتاب «ملة إبراهيم ودعوة الأنبياء والمرسلين وأساليب الطغاة في تمييعها»، لمؤلفه عصام برقاوي، الملقب ب»أبو محمد المقدسي», الأردني الجنسية من أصل فلسطيني.
ويعد هذا الكتاب من أخطر الأدبيات التي صاغت التيار الجهادي السعودي؛ من أجل دعوة شبابه إلى التنظيمات السرية، وإحداث الشرخ في داخل المجتمع السعودي، باعتباره مجتمعاً كافراً، لا يطبق مبدأ «الحاكمية لله»، ويتحالف مع الدول غير المسلمة التي تحارب المسلمين وتحتل أراضيهم؛ ولأنه - أيضاً - لا يحكم بما أنزل الله، والله - جل في علاه - يقول: ?وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ?، - وبالتالي- يجب الخروج على المجتمع، ومنابذته العداء، والتبرؤ منه، والتحريض على عمليات القتل، واستحلال الدماء، واستباحة الأعراض والأموال، أسوة بنبي الله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - الذي أمرنا بالاقتداء به، كما في قول الله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبراهيم وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ).
يُعَدُّ «أبو محمد المقدسي» أحد رموز منظري فكر التكفير والتفجير، والأب الروحي ل»أبو مصعب الزرقاوي»، ويمثل تياراً فكرياً إرهابياً، يسمى «السلفية الجهادية»، يدور مع أفكار القاعدة وحركاتها، وله أغراض خفية؛ من أهمها: تكفير المجتمعات الإسلامية، وتكفير ولاة أمرها وعلمائها، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، السعي إلى تضليل السباب السعودي، وإحداث الانقسام في المجتمع السعودي.
«أبو محمد المقدسي»، أحد رواد تشكيل الفكر السياسي المتطرف، للتيار السلفي الجهادي في العالم، وضحاياه شباب غرر بهم ما بين قتيل وسجين ومطارد، وهو نموذج سيء لما يمكن أن يصل إليه الفكر المتطرف، من خلال مرتكزاته الفكرية، انطلاقاً من مبدأ «الحاكمية السياسية»، ومروراً بقضية «الولاء والبراء»، وانتهاء بفكر «الجهاد؛ لخدمة أغراضه التكفيرية. وعندما سأل فضيلة الشيخ ناصر العقل - أحد علماء العقيدة في المملكة -: هل لطالب العلم قراءة كتب أبي محمد المقدسي، وكتابه «الكواشف الجلية»؟ فأجاب - الشيخ - ما نصه حرفيًا: «المقدسي هذا رأس فتنة، وكتبه من التي غررت بكثير من الشباب، ومنهجه يخالف منهج السلف في الحكم على القضايا المعاصرة - عمومًا -، وعلى المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، وهو إلى أهل الأهواء أقرب. نعم يظهر أنه متدين وغيور، لكن منهجه منهج الخوارج بالجملة، وفي كتابه من الخلل المنهجي الشيء العظيم، فهو نصب شباكاً خطيرة جدًا، ولا أنصح طالب العلم أن يقرأه، ولا يبحث عنه؛ لأن فيه فتنة، مع أن كلامه منقوض بأصول السلف، وكثير من أدلته تقلب عليه، لكن لا يدرك هذا إلا طالب علم متمكن». ولذا، فإن نقد أدبيات هذا التيار التكفيري، وفق منهج شرعي تحليلي، عن طريق الحوار، والإقناع، وإقامة الحجة والدليل، مطلب مهم - لاسيما - وأن هذا التيار المتطرف يستند إلى: تأويلات تعسفية، وأقاويل ضعيفة، ومواقف نفسية، وفتاوى عاطفية.