كيف يمكن وضع إرهابيين، في استراحات مجهّزة برفاهية، وبرامج رياضية وثقافية، ومن ثم تزويجهم وتشغيلهم ومكافأتهم مالياً؟!.
تبدو الفكرة غريبة، بل صادمة، لمن شهد الإرهاب وأفعاله، والأكثر هو كيف يمكن لبلد تضرّر بهذا الحجم أن يعامل ما يوصف بالإرهابيين بهذه اللينة والترغيب؟!.
- حصيلة الخسائر البشرية كانت 257 حادثة، قُتل فيها 67 وأصيب 381 و بين المقيمين 257 قتيلاً، و384 مصاباً.
- إجمالي الخسائر المادية في الممتلكات الخاصة والعامة زادت على 600 مليون ريال، وتدمير الاقتصاد كان أحد أهمّ أهداف الإرهاب، والخسائر التي أضرّت بالاستثمارات الداخلية والخارجية من جرّائه خلال الفترة من عام 2003 إلى عام 2008، قدِّرت بنحو30 مليار ريال.
في المقابل وُضعت ميزانية للمناصحة تقدَّر بنحو 180 مليون ريال.
الفكرة مثيرة حتى لدول متقدمة، وقد تبدو متناقضة للوهلة الأولى.
هل يعقل أن يصبح الإرهابي ضحية أمام أرقام الخسائر الرهيبة هذه؟.
خبر إطلاق «مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية»، سراح المجموعة السادسة عشرة من المستفيدين من المركز، أعاد الحوار حول جدوى المناصحة، في ظلّ انتكاسة «البعض» ممّن سبق وانخرطوا في البرنامج.
هل يمكن تنظيف قناعات ترسّخت في عقولهم، هل هم ضحايا لتلك القناعات أم جنود لها؟.
الحقيقة التي أثبتها برنامج المناصحة باستمرار، هو أنّ فكر العنف والإرهاب ينفذ إلى عقول المجنّدين لهذا التنظيم أو ذاك، كما تفعل مادة مخدّرة شديدة الفعالية، تطمس العقل، وتتجذّر في أعماقهم وتحرّك أفعالهم، فقد تمّت برمجة عقولهم البسيطة بأفكار آلية لتنفيذ ما يعتقد أنه «جهاد» أو عمل مقدّس يقود إلى الحور العين، وجنات الخلد وظلال الطريق أو خرابه.
أفكار لم يسعفهم علمهم المتواضع لرؤية ما يدبّر حولهم وإدراك خطورته وكارثيته.
حالة تشبه حالة إدمان المخدرات الشديدة، رغم الفارق في التأثير والأثر، إلاّ أنّ المدمن ضحية، وحالته تتطلّب المعالجة، معالجة جسدية لتنظيف دمه من عوالق المخدّر الفتّاك. وهى معالجة فكرية عميقة في حالة المناصحة للإرهابي الضحية.
هذه هي الفلسفة التي حققت النجاحات الباهرة لمركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، حيث دخل إلى المركز (270) شخصاً، بينهم (117) من العائدين من معتقل جوانتنامو، واستطاع المركز إعادة دمج العائدين في الحياة المدنية، ولم يرتد سوى (11) عاد منهم ثلاثة.
ويحدث أن يعود مدمن للمخدّرات من جديد، لكن هذا لا يعنى إلغاء مصحّات العلاج، وإنما تحسين برامجها العلاجية، وفي المقابل محاصرة المروّجين للمخدّرات، وتجفيف منابعهم.
وهناء تبرز ضرورة مراقبة المروّجين لخطابهم المدمّر، عبر تحصين التعليم وتطويره أولاً، وضبط المنابر الأخرى، حتى لا تعود تلك الأفكار الخطيرة إلى التسلل وصناعة الإرهابي الضحية مجدداً.
إلى لقاء.