لقد صارت الرسوم تأكل لحمنا شيئاً فشيئاً، إلى أن وصلت أسنانها إلى عظامنا. والمشكلة أن غرامات الرسوم أخذت تنافس الرسوم على لحمنا. فإذا أنت تأخرت يوماً عن تسديد رسوم تجديد إقامة العاملة أو العامل المنزليين، فإنك ستدفع غرامة قدرها 500 ريال، علماً بأن الرسوم نفسها هي 350 ريالاً.
هل هناك في العالم غرامات على التأخر في دفع الرسوم أكثر من الرسوم؟! الإجابة، والله أعلم، لا. وربما أراد مسؤولونا أن يسجلوا تميزاً يلفت أنظار المختصين الدوليين لهم ! وعلى كل الأحوال، هناك ملمح مميز آخر لرسومنا. فمن يقود سيارته بسرعة تصل إلى 90 كلم في الساعة، على طريق حدود السرعة فيه 80 كلم في الساعة، يدفع غرامة 300 ريال، ومن يقود بسرعة 200 كلم في الساعة، يدفع غرامة لا تبتعد عن الأولى كثيراً: يا سلام سلِّم على تشجيع السرعة!
المثير للدهشة، أن إدارة المرور تطبق تجربة التفريق بين الغرامات. ففي حالة التأخر في تجديد رخصة القيادة أو استمارة السيارة، فإن الغرامة تختلف: أقل من سنة 100 ريال، من سنة لسنتين 200 ريال، أكثر من سنتين 300 ريال. فلماذا إذاً لا تعمم الوزارة التجربة على غيرها من الغرامات؟! ولماذا لا تكون هناك آلية لتذكير المواطن والمقيم، عبر رسائل الجوال، بموعد تجديد الوثائق التي لديه، سواء الرخصة أو الإقامة، تماماً مثل ما يحدث اليوم مع المخالفات المرورية؟! لماذا تجعلنا الوزارة نشعر، وكأن كل قطاع من قطاعاتها يعمل بمعزل عن الآخر؟! وكل ذلك على حساب جيوبنا وأعصابنا وأوقاتنا!