الأديان السماوية كلها تقرر مسؤولية الإنسان عن حسناته وسيئاته، وبهما يكون الجزاء ثواباً أو عقاباً لأن الله جل شأنه عادل يحب العدل ولا يقبل الظلم لأنه حرّم الظلم على نفسه سبحانه وتعالى وهو لا يمكن أن يظلم أحداً من عباده، قال تعالى: ?وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ? (118) سورة النحل.
لذا فإن من يرتكب الظلم ضد الآخرين فعليه أن يتوقع العفو من أهله ولكنه لا يتوقع الثواب لأن الثواب يعطى لأعمال الخير ومن يمارس هذا العمل الطيب؟. أما العقاب فإنه يكون لأهل الشر، ومن يمارس هذا العمل المشين، قال البارئ جل وعلا: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (38) سورة المدثر.
لقد انتشرت في بلادنا ظواهر سلبية لا تمت للإسلام بصلة بل هي أعمال عدوانية، جعلت المجتمع بأسره في حيرة من أمره ويتساءل الكثير من الناس كيف يتم ذلك في بلد الخير والعطاء. والسؤال المحير لماذا لم يقض على كل متسبب في أعمال الشر وأعمال الغدر بكافة صورها القبيحة، وهذا يسوقنا إلى قصة واقعية حدثت قبل أكثر من قرنين من الزمن، حيث كان أحد أبناء الصحراء ويبلغ من العمر أكثر من ثمانين عاماً وله أولاد وأحفاد وأبناء إخوة، كان لديهم- أعزكم الله- «كلب» لحماية الغنم والمواشي من الذئاب، فجاء أحد الشباب من عشيرتهم فقتل الكلب.. وعندما بلغ الخبر إلى هذا الرجل الكبير قال لهم: اذبحوا ذباح الكلب. ولكنهم لم يعيروا كلامه أي اهتمام وبعد فترة وجيزة جاء راعي الغنم وأبلغهم أن لصوصاً سرقوا نصف الغنم، وأبلغوا والدهم، فكرر مقولته. اذبحوا ذباح الكلب ولم ينفذوا أمره وبعد فترة جاء راعي الإبل وأبلغهم أن عدداً من الإبل سرقت وأبلغوا والدهم بذلك فقال: اذبحوا ذباح الكلب عندها قاموا وقتلوا من قتل كلبهم وفي نفس الليلة أعيدت الأغنام المسروقة وكذلك الإبل المسروقة.
إن من قتل الكلب لم يحترم أهله، وقيل في الأمثال حشمة الكلب من حشمة أهله وهذا ينطبق على كل من يتمرد على دينه ووطنه وأمته وينطبق على كل من يأتي إلى هذه البلاد لطلب الرزق ثم يقوم بأعمال عدوانية لا تقرها الأديان ولا المبادئ، وما دام أن أخلاقنا أقرت لنا بأن الجزاء من جنس العمل فعلينا البحث عن كل متسبب في إيجاد شر ومعاملته المعاملة التي تقضي على شروره كما فعل ذلك الصحراوي مع من قتل كلبهم!!
واعلموا أن القضاء على الفتنة فيه مصلحة كبيرة.