لقد كان احتلال الأرض الفلسطينية إشارة على ضعف العرب، وليس امتحاناً لمشاعرهم، وإن كان دليلا على جهلهم لما هو في دائرة الواجب والمسؤولية، واليوم ينوي العدو أن يعلن قيام الدولة الإسرائيلية اليهودية الديمقراطية، وهو بذلك لا يفي بجانب ديني بقدر ما يمارس حقده على أمة
العرب، ومن يقيم في المنطقة المسماة بالخط الأخضر.
ولأن الحرب من الأمور التي شأنها صعب، إن لم يكن مستحيلاً ، فإن العرب - من غير دول التطبيع - ينتظرون ردّ فعل عاقل وطني وذي لحمة قومية إزاء ما سيحدث، ويعرف الجميع القاصي والداني أنّ في هذا تعبيراً بغيضاً عن العنصرية، ولكن قد يصح أن أقول: لا جديد في هذا، فلنا معهم تاريخ طويل يمتدّ كرمه وتسامحه لأبعد ما سجله التاريخ.
هؤلاء القوم نادتهم الحرية والأصالة العربية الإسلامية، ومع ذلك، فإن لهم ردّ فعل يعلم به الجميع، أليس فيهم من أعد لاغتيال رسول الحرية والحق -صلى الله عليه وسلم-! فاشمئزازنا منهم له ما يبرره، وما يثبت أن القضية بيننا ليست سباقاً على العداء بقدر ما أن الأمر سباق على العدل والحق، ورفض للباطل.
إنّ ما سيقدم عليه بنو صهيون مخططٌ يُنفذُّ الآن، وإن أعد له ضمن بروتوكولات حكماء صهيون، إنّ أمة العرب ترفض العنصرية وتكره كل ما تنطوي عليه من حقد وأنانية، ولكن من يدري أنّ هذا بشير خير وأمل؟ فالعنصرية يكرهها الخلق كلهم وبالذات من هي ربيبة لهم وإن أغدقوا عليها سلاحاً ومالاً، فما اعتبرته دولة الصهاينة كرماً تؤكد الحقيقة أنه عبء وانحراف عن مصالحهم.
إن التاريخ لا يصنع الأحداث ولكنه يسجلها ويرصد الحركة فيها، فإذا كان الظن أن دولة العدو تدرك هذا فلقد وجب على السلطة الفلسطينية الإقلاع عن هذا السخف الذي بدأ من أوسلو، والمتشبثون به إلى اليوم خاسرون، ومن المحتم ألا يفرضوه على أمتهم.
هل يجوز أن نقول لرئيس وزراء إسرائيل: مضى على اغتصابك للأرض أكثر من ستين عاماً فما الذي تعنيه بهذه الإضافة العنصرية؟ وإن كنت لا تعي فالعالم يعي ويدرك كل الأبعاد في كل سلوك عنصري.