لأن وثائق ويكيليكس كُشف النقاب عنها بما تحمله من وقائع تشيب لها الرؤوس في وقت لا توجد فيه مؤسسات رسمية عراقية، سياسية كانت أو نيابية أو رقابية، فإن هذه الوثائق ستُغيَّب وتُفرَّغ من معناها.
الوثائق تدين وتعطي الدلائل الأكيدة على جرم رئيس الحكومة العراقية الحالية «حكومة تصريف الأعمال»، الذي كان - وحسب ما أظهرته الوثائق - «مقاول إجرام» يجلس على كرسي رئاسة الحكومة؛ فكيف يوثق بهذا «المقاول» الذي نفذ كل ما أرادته إيران لتصفية خصومهم السياسيين؟ كيف يوثق به أو بأحد من أعضاء حكومته للتحقيق فيما تضمنته تلك الوثائق من وقائع وأحداث وجرائم، منها ما هو منسوب إلى رئيس الحكومة والمكاتب والتشكيلات الأمنية والعسكرية التي نفذت الكثير من عمليات المداهمة والقتل للعراقيين؟.. كما أن حكومة المالكي الحالية هي حكومة (تصريف أعمال)؛ فكيف يُناط إليها القيام بتحقيقات فيما تضمنته وثائق ويكيليكس من وقائع وأحداث؟!
أيضاً مجلس النواب الذي من المفترض أن يقوم بمثل هذه المهام لم يضطلع بمهامه؛ فمنذ أن انتُخب أعضاؤه لم يقوموا بالمهام التي انتُخبوا من أجلها؛ إذ لم يعقد مجلس النواب العراقي المنتخب الجديد سوى جلسة افتتاحية، وكل الذي أنجزوه هو انتخاب رئيس السن معصوم عثمان رئيساً مؤقتاً للمجلس..!! فهل سيجد مجلس النواب الوقت للتحقيق فيما تضمنته وثائق ويكيليكس؟.. فمجلس لم يفلح في انتخاب رئيس له، ولم يستطع أن يتفق على من يشكِّل الحكومة الجديدة ومَنْ يرأس العراق، كيف له القيام بما هو أكبر من ذلك؟!
كل هذه المهام الأساسية لم يفلح في إنجازها فكيف يستطيع أن يتصدى لمهمة الأطراف المتورطة، وهي محلية نافذة وإقليمية مسيطرة ودولية تحتل العراق؟!
العراقيون وكل المهتمين بالشأن العراقي من حقوقيين وعرب وحتى أمريكيين وبريطانيين يطالبون بإجراء تحقيق شفاف وصادق وواضح.
هذه الجهات المحلية والعربية والدولية تريد أن يتصدى ويضطلع بالتحقيق فيما ورد في الوثائق جهاتٌ حقوقية ودولية كمحكمة الجزاء الدولية أو الأمم المتحدة، أما أن تحاول حكومة (تصريف الأعمال) العراقية، التي يرأسها نوري المالكي المنتهية ولايته، القيام بذلك فهو إجراء لا يشبع من جوع... جوع يستشعره العراقيون جميعاً.. فنوري المالكي كلف بمهمة التحقيق وزير العدل العراقية في حكومته التي لا يعترف بها العراقيون.