قبل أن تتفاقم أو (تتماطط) أزمة الطماط في أسواق الخليج كنت ألهو مع حفيدتي الصغيرة التي لتوها تتعلم الكلام، وأنتم تدرون روعة الطفل حينما يبدأ في التعبير عما يراه أو يسمعه. أقول كنت ألهو مع الطفلة وأطلب منها ترديد أغنية لست أدري من أين حفظتها ولكن كلمات الأغنية تقول:
يا ليتني طماطمه
مخلوطه بالخلاطه
والا بصحن سلاطه
بثلاجة محبوب القلب
ولا أريد أن أقول لكم إنني أقسم على ذلك غير حانث (!!) أن الحكاية قد حدثت بالفعل قبل أزمة (الطماط) وقد تذكرت هذه الأغنية بعد تفاقم الأزمة الطماطمية، وحينما أقول أزمة (!!) فلأننا عادة نخلق الأزمة حتى ولو من الطماطة وكأن الواحد منا لا يستطيع العيش بدون هذه الحبة السحرية الحمراء التي أصبحت مطلباً للجميع بعد ارتفاع قيمتها أو سعرها بالأصح.
لأننا عادة نهرول للأسواق للاستحواذ على أية سلعة يرتفع ثمنها أو يقل وجودها في السوق. وهذا برأيي يحدث لتدني الثقافة الاستهلاكية لدينا لأننا لا نقاطع السلعة التي يرتفع ثمنها فنجبر مصدرها على تخفيض ثمنها رغماً عن أنفه، أي أنف المصدر أو المُصدّر لا فرق. ولعلي هنا أشيد بالوعي الاستهلاكي - ولأول مرة - لدى أهلنا في الكويت إذ رفع الناس هناك لافتات تقول: (خلوها تخيس) بل إن بعض المتعصبين للوعي الاستهلاكي حملوا هذه اللافتة على مدخل سوق الخضار أو (الشبرة) بالتحديد، وأعتقد أنهم دعوا إلى شراء (معجون الطماط) المعلّب الذي يعتبر أصلح منها لعمل صحن (الدقوس) الذي يوضع دائماً بجانب طبق (المجبوس) أو الكبسة لا فرق.
لذا ومن هنا فإن لم يهبط سعر الطماط عن طريق الوعي الاستهلاكي فإن كل أطفالنا سيتغنون مستقبلاً بالطماط وستظل طفلتي تردد إلى أن تصبح عجوزاً:
يا ليتني طماطمه
مخلوطه بالخلاطه
خلاطة حبيب القلب
واسلموا وتسلم الطماط!!