تستنفر المملكة هذه الأيام كل المصالح الحكومية وغير الحكومية لخدمة ضيوف الرحمن، وهذا دأب سارت عليه عبر السنين، وتعمل كل مصلحة على تقديم ما يتطلبه الحاج دون النظر إلى مقدار الجهد المبذول أو المال المنفق، وإحدى تلك المصالح وزارة الخارجية، التي تعتبر الرافد الأول لذلك السيل المتدفق من الخدمات المميزة، وربما يغيب عن كثير من الناس مقدار الجهد الكبير الذي تبذله هذه الوزارة، والعناء الذي لا يوصف لمن يعملون فيها، وهو عناء تشريف ممزوج بالسعادة والرغبة الجامحة لخدمة هذا الحجيج، فمع تحقيق الغاية تجد بتقديم الخدمة المميزة لينقلب ذلك العناء إلى سرور وبهجة.
وزارة الخارجية التي دأبت على تمثيل الجانب الدبلوماسي مع ما يتعلق به من شؤون اقتصادية واجتماعية تستنفر طاقاتها لعمل جليل وهو خدمة عدد كثير من الحجاج الذين يقصدون بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج.
والوزارة هيأت سبلا كثيرة للتيسير مستخدمة آخر ما وصلت إليه التقنية من أساليب وطرائق فأصبح الأمر لدى الدول الإسلامية الشقيقة أقل عناء، وللمرء أن يتصور أن الإنترنت أصبح أداة التواصل بين الدول ووزارة ا لحج ووزارة الخارجية، فيتم ذلك التواصل في بضع دقائق، لتقوم السفارات وقنصلياتها بعملها التنفيذي ذي التقنية العالية بما يحتاجه أيضاً من جهد كبير، وقد حبى الله الوزارة بفضله ومن ثم جهد العاملين فيها وسائل للتدقيق عالية الكفاءة، تساعد على التأكد والسيطرة على عدد ونوع التأشيرات، وكذلك عمل الإحصاءات اللازمة.
الوزارة في موسم الحج مع بعثاتها لا تعرف ساعات محدودة للعمل، أو أياما بعينها يخلد المرء فيها للراحة، وإنما هو جهد متواصل لا ينقطع إلا أثناء تناول الطعام أو الخلود إلى النوم لساعات محدودة. ومع هذا فسيل من طالبي الشفاعة لا ينقطع، ومن الحكمة أن يكون الإنسان أكثر صرامة وحزما مع تقدير للظروف، وصبر يفوق الوصف، ولا أخال رجلا كان أو امرأة في وزارة الخارجية إلا ويستقبل ذلك السيل المتدفق، ولذا وجب الصبر والصبر والصبر.
وطالب الحاجة أعمى، وكل يأتي وكأنه الوحيد الطالب للشفاعة وهو لا يعلم أن آلافاً مثله تتقدم طالبة العون وما عليه إلا الاحتساب فرضى الناس غاية لا تدرك.
وما يتحلى به الكثير من رجال وزارة الخارجية ذلك التعامل الممزوج بالحلم حتى وإن كان الرد على الشفاعة غير إيجابي، فاحترام الناس واجب أملاه الإسلام والتعامل الإنساني والإرث الاجتماعي الذي جعل هذا المجتمع الكريم مجتمعاً متميزاً في هذه الناحية.
لعل التعامل هو أساس صناعة العمل، وهو جسر التواصل الإنساني وأكثر ما يكون مهماً لدى التعامل الدبلوماسي وأكثر من ذلك أثناء موسم الحج.
كم هو شرف عظيم خدمة الحجيج، وكم هو شرف لوزارة الخارجية أن تقدم تلك الخدمة، ومن واجبنا أن نشكر الوزارة بجميع أقسامها على ما تقدمه لضيوف الرحمن من خدمات متواصلة.