لست بمقام من يصنف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ولا من يقيّم عطاءه الوطني وتفانيه في العمل ولكني أيضا لا استطيع أن احجب رأيي في رجل عرفته عن قرب خلال لقاء شرفني به في قصره العامر بالرياض عام 1406هـ لإجراء حوار حول أول معرض لإبداعاته التشكيلية الذي حمل عنوان لوحات فنية، وأقيم بمركز الخزامى بالرياض على شرف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -حفظه الله-، وما لمسته من سموه من تواضع ومن مشاعر الأب أو الأخ الأكبر ولطف تعامله ومنحه إياي الكثير من وقته مهما كان قليلا بالنسبة لي، وكيف قابلني بابتسامته المعهودة قبل افتتاح المعرض بدقائق معلقا على الخطأ الذي وقع فيه خطاط الجريدة بأن كتب عدد اللوحات ست عشرة بينما هي واحد وستون، الحديث عن الأمير خالد لا ينتهي ولا يُمَل، وبما أننا مختصون بجانب الفن التشكيلي الذي يشكل رافدا هاما في ثقافة الوطن التي يضع لها الأمير خالد الفيصل الكثير من اهتماماته وما أصبحت عليه توقعات المثقفين عامة والتشكيليين على وجه الخصوص قيد التنفيذ والحضور على أرض الواقع لمستقبل ثقافي له ميزته التي تتوازى وتطابق ما لمنطقة مكة من خصوصية ومنها ما شاهده ويشاهده مثقفو وشعراء العالم من تطوير لسوق عكاظ الذي شرفني المعنيون به بدعوة كريمة لم يتسنَّ لي تحقيقها لظروف خاصة حرمتني هذا الشرف، أعود للقول وكما أشرت سابقا في مقال حول معارض سموه التي أقامها في عدد من الدول العالمية تحمل روح ورائحة الوطن إن الأمير خالد يبقي في كل موقع قدم له منبتا للرياحين والورود الإبداعية ويبني في كل قلب مركزا ثقافيا فبعد أن منح الثقافة قرية المفاتحة بأبها البهية، متكاملة بمبناها ومعناه منح فيها للتشكيليين بالمملكة سبعة مراسم قلّ أن نجدها في كثير من الدول التي سبقتنا لاحتواء كل مرسم على سكن للفنانين وصالة للعرض ومرسم لتنفيذ اللوحات مفتوحة لزوار أبها من السائحين للاحتكاك بالفنانين والتعرف عليهم وعلى كيفية تنفيذهم لأعمالهم الفنية، موظفا الإبداع للسياحة ومقربا بها الأعين والعقول لهذا الفن. تأتي مرحلة جديدة في مساحة اهتمام سموه بالثقافة والفنون؛ فقد بدأت في منطقة مكة تباشير ما كنا نتوقعه من سموه، منها مسابقة مكة للفنون التشكيلية لمختلف الفنانين في العالم الإسلامي لتجميل أقدس وأطهر أرض وبأسلوب يتماشى مع أهميتها وقدسيتها، أضاف عليها خطواته القادمة
لتأكيد دور سوق عكاظ الذي منح للفن التشكيلي فيه ما منح للشعر من اهتمام كان له أثره في نفوس التشكيليين.
هذا هو الأمير خالد وهذا ما يجده المثقفون والمبدعون منه ومن بينهم التشكيلين من دعم مع ما يطمحون فيه من فعاليات وملتقيات ليكن منها ملتقى مكة التشكيلي للفن الإسلامي وليكن منها قرية مماثلة لقرية المفاتحة في أحد الأحياء العريقة في جدة ومتحفا للفنون التشكيلية، فمنطقة مكة ومنها محافظة جدة الأبرز في دعم الثقافة والفنون والتفرد بميزات جعلت لها مكانة عالمية ويكفي أنها تضم أكبر عدد في صالات العرض التشكيلية وتفاعل من القطاع الخاص لدعم التشكيليين وقبل هذا وذاك مواقف إمارة مكة وتسهيلها سبل العطاء لكل المبدعين.
* شكرا لهؤلاء.
كشفت الردود على المقالتين السابقتين التي تطرقت فيهما لمنهج التربية الفنية عن وجود فجوة كبيرة بين هذه المادة وبين المجتمع رغم أن كل فرد فيه مر بها ومارس من خلالها الرسم والتلوين وتنفيذ الأعمال التطبيقية فقد جمعت من الردود ما يمكن أن يؤلف منه كتاب عن هذا البعد، حيث اعتبرها البعض مادة هامشية والبعض الآخر مادة مكلفة ومثقلة على ميزانية الأسرة لكن الأمر لا يخلو من محبين لها منهم الموهوبون والهواة ومنهم من وجد فيها متنفسا من ضغط المواد الأخرى، ومع أنني تطرقت للمنهج باختصار يصل إلى حد الإشارة أو التلميح عن بعد، ناقلا وجهات نظر تعددت فيها الآراء دون أن أضع ذلك المنهج تحت المجهر وأستشهد بوجهات نظر المعلمين من مختلف مناطق المملكة الذين بعثوا للمعنيين بالمنهج بملاحظاتهم وانتقاداتهم ومحاولاتهم أن يعاد النظر في ما طرح أو قرر فيه وذلك حفاظا على الجهد المبذول في هذا المنهج، مختتما هذا الموضوع الذي نجزم أن اجتهادنا في طرحه غير مرضٍ لمن أعدوه وهم محقون مع قناعتي أن من بينهم من يقبل وجهات النظر بحوار حضاري، لأجعل ختامه مسكا بهاتين الفقرتين مما تلقيناه من ردود البعض منها نشر قبل أن يقفل باب التعليق شاكرا ومقدرا كل من أدلى برأيه وانتقاده ووجهة نظره حيث جاء في تعليق للدكتور سهيل الحربي بعبارات أخجلتني لقدرته على الإقناع بعنوان (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)!! يقول د سهيل: (كم كنت أتمنى أن كاتباً قديراً مثلكم، يطلع على المنهج ويتعرف عليه، وعلى مدى مقاربته للمناهج الحديثة عالمياً، وكيف وظف لتتم الاستفادة منه محلياً، ثم يحكم عليه وينتقده بشكل علمي ومقنن.. فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، فحتى تحكم يجب أن تتعرف على فلسفة المنهج، ودور المعلم والطالب فيه..وشكراً).
أما التعليق المبستر ككبسولة العلاج الصغيرة في حجمها كبيرة في معناها فهي للقارئة كهرمانة التي قالت: (نعم للرسم معنى، إن عنوان زاويتك يكفي لمعرفة كم أنت شغوف بهذه المادة سواء كنت مدرسا لها أو فنانا تابعا لها..المهم أنني أؤيدك فالرسم مادة مهمة لكنها لا تحظى بالاهتمام المناسب).