|
الجزيرة - مصعب بن عمير
يقوم مستشفى التأهيل الشامل بمدينة الملك فهد الطبية بدور كبير ويقدم خدمات جليلة لذوي القدرات الخاصة والإعاقات البدنية للناجين من الحوادث المرورية حيث يتم تأهيلهم تأهيلاً شاملاً ودمجهم في المجتمع، فيما يشتكي ذوو القدرات الخاصة من الرفض والقبول وتهميشهم من بعض فئات المجتمع الذين اعتبروا أن دورهم في الحياة قد انتهى مجرد وجودهم على الكرسي، مطالبين المجتمع بالكف عن النظرة الدونية.. فيما ناشدوا عبر (الجزيرة) المسؤولين في المؤسسات المجتمعية والدوائر الحكومية بضرورة توفير الخدمات لهم كالممرات والمداخل الخاصة بعرباتهم وأماكن مخصصة لخدمتهم.. حول هذا الموضوع تحدث لنا الاستشاري النفسي محمد القحطاني الذي قال: هؤلاء هم الناجون من الحوادث وليسوا ضحاياها، وقال:
في مدينة الملك فهد الطبية يعتبر المستشفى الرئيسي الأول والوحيد الذي يقدم هذه الخدمة المتكاملة في مجتمعنا السعودي بحيث يوجد التأهيل بمعناه المتكامل التأهيل الجسدي والتأهيل الذهني والتأهيل العصبي للأعصاب كلها حتى تعود لمستواها ونشاطها السابق كأقسام العظام والأعصاب وإصابات الدماغ والتأهيل النفسي ويشتمل على جانبين الأول تأهيل نفسي من حيث المشاعر بحيث يكون هناك استعداد بأن يعود المريض لحياته الطبيعية والجانب الأخر التأهيل المعرفي وهو أن ترجع قدراته الفكرية إلى وضعها السابق سواء من ناحية تعامله مع الآخرين واتصاله مع الآخرين، ومهاراته في حياته تعود ويعود ليؤدي عمله كما كان قبل أن تأتيه هذه الإصابه، يعود إلى حياته الأسرية الطبيعية كأب كأخ فهذي هي الجوانب التي نقدمها في خدمة المريض وبالتالي عندما نتكلم عن تأهيل المريض نعني تأهيله الكامل من كل الجوانب.
بداية الجولة كانت مع نوف السبيعي 11 سنة حيث إن سبب إقعادها هو حادث سير وعملت عملية جراحية، وتقول: الحمد لله لا أجد فرقا بيني وبين زميلاتي، وأوجه الشكر لكل الاستشاريين والإخصائيين على ما قدموه من خدمات وتسهيلات في العلاج.
ضحية السرعة
سالم الحويطي حادث سيارة منذ 7 سنوات نتج عنه كسر في العمود الفقري فسبب شللا نصفيا وعن المعاناة التي يواجهها ذكر بأنها تبدأ من بعد الخروج من المستشفى وتمنى من الجهات الحكومية أن يكون هناك تسهيل للمقعدين وحتى بعض المساجد لأننا لا نستطيع الصلاة فيها وبعض الأسواق لأنه لا يوجد لنا مخارج أو مداخل فنحن فئة مشاركة في المجتمع، ولله الحمد لا أجد الفرق بيني وبين الأشخاص السليمين، وأنصح الشباب المتهورين في السرعة بأن ينظروا إلى ما جرى لنا بسبب السرعة والحوادث حتى ينتبهوا لأن سبب إقعاد كثير من الناس هو السرعة. وعن مطالبه من الجهات الحكومية ذكر بأنهم يريدون إنشاء ناد خاص لذوي الاحتياجات الخاصة لقضاء أوقات فراغهم وأوجه شكري للأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي هو سبب في وجودي في هذا المستشفى.
ويروي عبدالله الزهراني معاناته مع المرض في 10 شهور ويقول بلغة حزينة: إن حالتي من أغرب الحالات حيث إن حالتي الصحية فجأة تدهورت حتى أصبحت مقعدا على الكرسي وذهبت إلى أكثر من 10 مستشفيات لتشخيص حالتي ولم يعرفوا المرض فالسؤال الذي أطرحه على المسؤولين هل الكيس الدهني لا يكتشف إلا في الرياض (يعني ما طلع في الباحة ولا في جدة) فأنا أريد جوابا لهذا السؤال من المسؤولين عن الصحة، ويقال إن سببه هو العين فأوجه رسالة لجميع القراء والشباب بأن ينتبهوا للأذكار قبل أن يذهبوا إلى أي مكان لأني كنت مقصرا فيها فكان هذا هو حالي.
وعن معاناته ذكر: ما أجده هو صعوبة تقبل الناس لنا فالذي يراك على عربية كأنه سيبكي لا أدري أهي رأفة أم ماذا وبعض الأطفال يعتقد بأننا مجانين، وللأسف لا يوجد هناك اهتمام لذوي الاحتياجات الخاصة فعندما أذهب إلى الدوائر الحكومية والمدارس لابد أن تجلب معك أربعة عمال لكي ينتشلوك من العربية الشيء الذي جعلنا نتساءل هل نحن لا نعتبر جزءا من المجتمع أم ماذا؟!! وأنا إن شاء الله سوف أعود إلى مدرستي لأنني معلم فكيف أدخل للمدرسة ولا يوجد بها ممرات ومداخل خاصة لمثل حالتي؟
وهذه رسالة أوجهها إلى معالي وزير التربية والتعليم سمو الأمير فيصل بن عبدالله بأن يوفر لذوي الاحتياجات الخاصة سواء كانوا معلمين أو طلابا كل احتياجاتهم في المدارس وأوجه شكرا خاصا لوالدي والعائلة ككل في وقوفهم معي وتمنى وجود مدنا طبية في مختلف مناطق المملكة تهتم بهذه الجوانب.
وقد ذكرت د. بسمة خوجندي طبيبة مقيمة بأن مهمتهم تأهيل المريض حتى يكون عضوا فاعلا منتجا في المجتمع يستطيع أن يمارس حياته الطبيعية في أسهل صورة ممكنة بما يتوافق مع حالته بتوفير وتسهيل الأمور له، وعن الدور التي تقوم به ذكرت بأنه الإشراف على الحالات بمختلف أنواعها بحيث نعمل تقويما شاملا للمريض طبيا وفيزيائيا ونضع له خطة علاجية ونتابعها فهذا هو دورنا ولكن الملاحظ هو وجود جهل من المجتمع عن التأهيل ومعناه وما دوره في علاج المريض.
دور الجانب النفسي
أجاب الاستشاري محمد القحطاني عن دور الجانب النفسي وآلية العمل مع المريض من الناحية النفسية ذكر بأنه تنطلق الجلسات العلاجية أولا من تقييم الحالة، بحيث نقيم القدرات العاطفية فبعض الإصابات سبحان الله يفقد على إثرها المصاب الحب والعاطفة وهذه هي المشاعر الأصفى في الإنسان فإذا فقدها يصبح عدوانيا ولكنه ليس بذلك لأنه بسبب فقده للعاطفة والحب، فنقيس الجانب العاطفي وننميه ثم نقيس الجانب المهاري في الاجتماعي هل لديه القدرة على التواصل الاجتماعي ثم الجانب العقلي أو الفكري، بناء على المقاييس الماضية نضع خطة علاجية عبارة عن جلسات تبدأ في المستشفى وقد لا تنتهي إلا في المنزل بحيث نجعل له جلسات ندربه على كيف يعرف الأماكن فالإصابات التي يفقد على إثرها المريض الذاكرة ندربه حتى يصبح يعرف الأماكن والزمن فمع التدريب يرجع كما كان سابقا.
وعن الأساليب المستخدمة في علاج المرضى ذكر بأن الأساليب تتفاوت فنستخدم برامج في العلاج المعرفي وهي من أشهر البرامج وهو أن نناقش قضايا فهمت خطأ في عقل المريض ونحاول أن نقوم بتعديلها مثل أن يقول المريض أنا انتهت حياتي أو أنا ضحية من ضحايا الحوادث وهو ليس من ضحايا الحوادث لأن ضحايا الحوادث هم من في المقبرة فهو يعتبر ناجيا من الحوادث لأنه فقد بعض أجزاء جسمه لكن بقي لديه أجزاء لم يفقدها فأتشبث بالأجزاء التي لم يفقدها.
وهناك أسلوب آخر من العلاج نسميه العلاج بالتدريج بحيث نقوم بالتدرج في العلاج معه بالتمارين حتى يصبح طبيعيا وما يهمنا هو أن يعرف المريض الهدف حتى يستطيع أن نصل نحن وإياه إليه، فالمريض وأهله يعتقدون بأننا نعطي المريض حقنة ثم يشفى مباشرة وهذا خطأ لأننا نبدأ معه بالتدريج ونأخذ وقت أطول حتى يعود كما كان.
وهناك علاج بالتنويم المغناطيسي لمرضى الجلطات ولا يوجد في الوطن العربي من يقدم هذا العلاج بالاستفادة من حركة اليد الموجودة في الذاكرة لأن كل حركة يؤديها الشخص لها صورة في الدماغ فنحن نقوم بأخذها منه من خلال الإيحاء.
ما الهدف من التأهيل ودوره في العلاج؟
أجاب على هذا السؤال الأخصائي تركي العمري حيث ذكر بأن الهدف الأساسي من مستشفى التأهيل هو جعل المريض يمارس حياته في أسهل طريقة ممكنة بما يتوافق مع حالته هذه في المرحلة وهناك مرحلة ما قبل الخروج من المستشفى يوجد استشارات مهنية تقوم بالتواصل مع الشركات والمؤسسات في محاولة لتسهيل أمور المعاقين وتوفير الوظائف لهم وطريقة دخول المرضى عن طريق عدة قنوات منها العيادات الخارجية في المستشفى أو المستشفى العام ثم نحدد المدة العلاجية للمريض فيكون هناك اجتماع أسبوعي كامل مع الفريق الطبي بمستشفى التأهيل يتم فيه تحديد المدة العلاجية والأهداف المحددة حتى يصبح المريض بصحة جيدة.
وعن الخدمات التي يقدمها مستشفى التأهيل ذكر بأن الخدمات العلاجية التي تقدم في مستشفى التأهيل تكمن في العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وعلل النطق والسمع والبلع وقسم للأجهزة الأطراف الصناعية وقسم للأجهزة التعويضية وقسم العلاج بالفن التشكيلي والترفيه فخلال فترة المريض يكون هناك عدة اجتماعات مع المريض وعائلته حتى يكون الهدف واضحا للأهل، وقد حصل مستشفى التأهيل مؤخرا على اعتماد دولي (كارف) كأول مستشفى خارج أوروبا وأمريكا الشمالية.
وختم حديثة قائلا: أتمنى من الشركات والقطاع الحكومي والخاص بتوفير الوظائف لهم فمشكلتهم في أجزاء الجسم وليست في العقل فمنهم الموهوب والذكي ولكن ينقصهم الثقة بهم.