يقول: عندما لم يسعفني الحظ في أن أحظى ببعثة دراسية بسبب المعدّل في الثانوية العامة، سافرت إلى ألمانيا لدارسة الطب على حساب والدي - رحمه الله -، مع أنه لم يتمكن من الحصول على الدعم المادي لاستكمال مصاريف الدراسة، فباع ساعته الذهبية بثلاثة آلاف ريال وسلّمني المبلغ، وقال لي أرجو أن تكون عند حسن ظني، فأقسمت إمّا أعود بالشهادة أو أعود في تابوت، فسافرت إلى ألمانيا وكنت أبلغ من العمر (16) عاماً وعملت في الحقول وبائع آيس كريم، وفي مصنع متفاوتة ما بين الرابعة فجراً والسابعة صباحاً لكي أحصل على قوت يومي. انتهى حديث معالي الدكتور أسامة بن عبد المجيد شبكشي طبيب الباطنية ومدير الجامعة ووزير الصحة وسفير المملكة في ألمانيا، الحوار أجرته معه جريدة الجزيرة ونُشر يوم الخميس الماضي 21 أكتوبر 2010، وأنا أحيل اللقاء بكل تفاصيله الدقيقة إلى جهة الابتعاث بوزارة التعليم العالي، وإلى المسؤولين في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي على طريقة صورة مع التحية للاطلاع أو للإحاطة مع الأساس أو لما ترونه مناسباً، لكن ليس للإفادة أو للمرئيات. وصورة أخرى لأبنائنا الطلاب المبتعثين للإفادة من التجارب الشخصية؛ وصورة للآباء وأولياء أمور الطلاب لتكون دافعاً وحافزاً لابتعاث أبنائهم.
في حوار جريدة (الجزيرة) تحدث سفيرنا في ألمانيا بمكاشفة مفتوحة، وحكى حكايته وهو يستجدي الآخرين علبة البسكويت وساندويتش الجبن، وليبقى على قيد الحياة ويعمل من الساعة (4) فجراً بائع مثلجات وعاملاً في مصنع الغواصات ومصنع البسكويت، ثم يعود لوطنه من إحدى جامعات الطب في برلين بشهادة البكالوريوس بالطب وشهادة الدكتوراه، ويصبح طبيباً ومدير جامعة ووزيراً وسفيراً.. صورة مع التحية لبرنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي ولوزارة التعليم العالي التي أشرفت وأدارت ابتعاث الطلاب، حتى وصل تعدادهم (100) ألف طالب وطالبة في قارات الأرض. ولكن وهنا لابد من المكاشفة والشجاعة على طريقة د. أسامة شبكشي لا ندير الابتعاث بوزارة التعليم العالي بطريقة القرار الإداري المجرّد لأنّ الطالب والطالبة المبتعث هو الحلقة الأضعف، فمكاتب الملحقيات الثقافية والتعليمية وبعض مسؤولي السفارات وإدارة البعثات، قد يرتكبون أخطاء غير مقصودة ضد الطلاب، والطالبات، في حين الطالب يعيش غربة: وطنه وأسرته وأجواء تعليمية جديدة وإجرائية وقانونية وصعوبة اللغة والتحصيل العلمي، فقد تدفعهم تلك الصعوبات مع عدم تفهُّم جهات الإشراف لأوضاعهم إلى العودة إلى وطنهم بالفشل والإحباط من المسؤولين في التعليم..
أنا لا أقول إنّ جميع المسؤولين في الابتعاث، ابتداءً بجهة الابتعاث وانتهاءً بالملحقين الثقافيين والتعليميين، أنهم يعاملون الطلاب بالشدة والقسوة الإدارية، لكن هناك معاناة لبعض الطلاب ولو أنّ تفهم معالي وزير التعليم العالي د. خالد العنقري ونائبه الدكتور علي العطية في التدخل وحل معظم مشكلات الطلاب الإدارية والإجرائية والمالية، ومعالجة المشكلات بالحلم والحكمة والمشاعر الأبوبة، لحدث ما حدث وعاد طلابنا من أوروبا وأمريكا محبطين وناقمين نتيجة فشلهم، وهذه النتيجة لا نريد أن نصل إليها بأن تدفع الدولة المليارات وتضخّها في ميزانيات التعليم، ثم نصل إلى نتيجة الإحباط والاستياء.. بعض المشرفين على الطلاب في الابتعاث وبرنامج الملك عبد الله والملحقين الثقافيين، إما أنّ تخصصاتهم في العلوم الإنسانية أو درسوا طرق تدريس ومناهج العلوم الطبيعية، فتجربتهم لا يجب أن تتطابق مع الجيل الحالي من المبتعثين ممن يدرسون العلوم الطبيعية البحتة التخصصية في الماجستير والدكتوراه في تخصصات صعبة ومعقّدة.. لذا لابد من التبصُّر والحكمة في التعامل مع الطلاب المبتعثين والوقوف إلى جانبهم وعدم التعجُّل في إنهاء وإغلاق بعثاتهم لمجرّد إخفاقات بسيطة أو نواح إجرائية، فهذه تحدث حتى لأبناء المسئولين في جامعاتنا الداخلية، ولا تتعجّل الجامعات السعودية في طي القيد والطرد والترحيل...