ما عندي صديقة!! كانت هذه الجملة كافية لأن تشرح لي سبب تجهم وجه ابنتي ذات الثمانية أعوام، قلت لها «وين صديقاتك طيف ونوف؟» قالت «كلهم صاروا يحبون (ريما) ويتركوني، وأنا بالفصل لوحدي ما أحد يكلمني» وأرسلت دمعة شفافة رقراقة مسحتها بكم المريول الأزرق ثم أردفت قائلة.....
..... «لازم تنقلني من المدرسة!» طبعاً أنا أعرف أن (بنيتي) اسم الله عليها حيوية ونشيطة واجتماعية، ولكن بالتأكيد هناك صراع القوى داخل الفصل هو الذي أطاح بها وجعلها الآن مثل الرئيس المخلوع! قلت في نفسي لا مشكلة لقد خسرت معركة ولكنها لن تخسر الحرب! وقبل أن أخبركم ماذا فعلتُ في هذه المشكلة المهة جداً يهمني أن أقول إن الطفل إذا لم يكوِّن صداقات قوية في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة فإنه سيصعب عليه تكوين علاقات جيدة فيما بعد، لأنه من الواضح أن لديه مشكلة ويحتاج المساعدة! من المهم جداً أن نستقبل أطفالنا ظهراً ونسألهم كيف كان اليوم! كيف كان سائق الباص والشغالة والمعلمات، ستكون المعلومات جاهزة وطازجة وستأتي بعفوية وعندها نعرف معاناة الأطفال التي قد لا يبوحون بها فيما بعد وربما تؤثر في تكوين شخصياتهم! وصعوبة تكوين الصداقات معاناة هي أكثر وضوحاً ليس في المرحلة الابتدائية فقط بل حتى على مستوى الموظفين، بمعنى أن حتى الكبار بدأوا يعانون من قلة الأصدقاء بل إن الصديق يمكن أن يعاتبك لأتفه الأسباب ثم يضع الحواجز والمتاريس بينك وبينه.
مع أن الشاعر يقول:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
سألت إحدى القريبات المعلمات وقالت إنها فعلاً تعاني من كثرة شكوى الطالبات من هذه الأزمة! ولا أحد يعرف حتى الآن هل هي صعوبة في تكوين العلاقات أم أن هناك أسباباً مادية واقتصادية توجه تكوين العلاقات وتساعد في تشكيل (قروبات) ومجموعات معينة على أسس لم تكن هي الأهم في السابق! والآن سوف أحكي لكم كيف حليت مشكلة ابنتي، لقد توجهت إلى الحل الأسهل والأنجح من وجهة نظري، لأن البنت أساساً اجتماعية ولكن كما قيل اطعم البطن تستحي العين! فقلت لها هيا بنا، قالت إلى أين؟ قلت إلى أفضل مكان تحبينه، قالت: السوبر ماركت، قلت: نعم وهناك اختارت علبة حلويات من تلك التي يحبها الأطفال، وقلت غداً ابدئي بتوزيع الحلوي في الحافلة والفصل.. عندما عادت كان لديها كلاماً كثيراً قالته لي، ولكن ليس عن قلة الصديقات بل عن كيف رجعت طيف ونوف تتحدان معها وقلا لها أنتِ أحسن صديقة لنا.. وما عاد نبي ريما (قلة الخاتمة)!! سبحان مغير الأحوال!! وقبل نهاية الأسبوع كنت قد جهزت لها (كروكي) أو خريطة طريق للوصول للبيت، فقد تطورت الصداقات لكي تخرج عن كونها علاقة فصل، فالصديقات بما فيهن ريما لديهن من الهموم والقضايا المشتركة ما يحتاج إلى بحثها في منزلنا العامر، فقلت ولِمَ لا؟ من أجل (شوق) نعزم كل (بزارين) أقصد طالبات الفصل! أهم شيء يكون عندها صديقة!
JAZPING: 6906