ألف عام خلت وبعض قرون
و(عكاظ) يلوي به التعريف
كان لي شرف حضور فعاليات»سوق عكاظ» لعام 1431هـ الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المقام مساء يوم الثلاثاء 19-10-1431هـ، حيث استهل بآي من الذكر الحكيم، بعده ألقى وزير الإعلام الدكتور - عبدالعزيز محيي الدين خوجه كلمة الافتتاح معبراً عن أهمية الحفاظ على المعالم الأثرية وصيانتها، والتوسع في الإعلام عما جرى فيها وما حولها.. مثل سوق عكاظ الذي برز أخيرا بتوجيه واهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل - رعاه الله - مواكبا ركب الحضارة والتطور السياحي الحاضر الذي تشهده بلادنا في ظل حكومتنا الرشيدة التي لم تألُ جهدا في الدعم المالي السخي، ومتابعة جادة من معالي محافظ منطقة الطائف الشيخ الفاضل - فهد بن عبدالعزيز بن معمر، ثم كلمة راعي الحفل الأمير خالد الفيصل الضافية التي رحب فيها بالحضور من أصحاب السمو الأمراء، والعلماء والأدباء، وبالضيوف خارج البلاد وداخلها، وقد أفاض سموه بالحديث عن أهمية ذاك الموقع التاريخي الموغل في القدم وما جرى في ساحاته من عراك، ومساجلات وملاحم شعرية، ومعروضات تجارية بين تلك القبائل والحواضر التي بادت وبقيت آثارهم شاهدة على ما خلدوه من آثار صامتة وصامدة:
سل الأيام عن أمم تقضت
ستخبرك المعالم والرسوم
وأشعار جزلة المعاني ضافية الخيال تنحت منها أفكار الكتاب مسحة من الخيال وقوة السبك..، فسمو الأمير «أبو بندر» بمنزلة مطر الوسمي إذا همى على أرض يباب أيقظها وأحيا رميمها سهولاً وآكاما فأورقت أشجارها، وتفتحت أزهارها، وعبق أريجها - بدون مبالغة في هذا الكلام - فآثاره السابقة الجبارة بمنطقة عسير ناطقة بأعماله الجليلة، ولا تنسى أبد الايام..، ومنطقة مكة المكرمة حاليا تشهد نشاطا متسارعا عاما، ومحافظة الطائف أولى مصائف المملكة منذ عهد جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لها النصيب الأوفر من اهتمامات سموه الكريم في تطوير المتنزهات، والمواقع الأثرية، مثل»سوق عكاظ» الذي يخطو ويتبختر في عامه الرابع:
وليس يصح في الأفهام شيء
اذا احتاج النهار إلى دليل
ولقد دعي لافتتاحه نخبة من الأدباء والشعراء، والمفكرين من أنحاء المملكة، ومن خارجها من البلدان العربية، فوجدوا كل ترحيب، وكرم ضيافة من سموه، وحسن استقبال وإكرام من معالي محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر وهذا منتهى الحفاوة والتكريم، وقد جند لخدمة واستقبال أولئك الضيوف نخبة منتقاة من الشباب، ومن الأساتذة والمرشدين للمواقع الأثرية التي تشد الزائر إليها محلقة بأخيلتهم إلى تصور من عاش وأقام بأكنافها دهورا طوالا، وتسريح النظر في المتنزهات والمعالم البارزة الهامة هناك مثل»قصر شبرا» المتربع على ناصية الشارع العام وما احتضنه من تحف ومقتنيات ثمينة وآثار خالدة.. مما جعل ذلك السوق الأثري»سوق عكاظ» يعج بآلاف الزوار والمتسوقين، والعارضين مبيعاتهم من التحف القديمة، وأنواع من الملابس النسائية المطرزة بأشكال جذابة مختلفة الألوان والتصاميم، ومحاولة اقتناء ما يروق لهم منها، كما تعاقب على منصة تلك الخيمة الفخمة واسعة الأرجاء عدد كبير من الشعراء والشاعرات، والأدباء أفاضوا على الحضور من جيد مخزوناتهم الشعرية والثقافية، وما يتخللها من برامج ترويحية مما جعل الحاضرين لتلك النشاطات المتنوعة لا يبرحون المكان إلا في ساعات متأخرة من الليل، فمثل هذه النشاطات، والأنشطة الأخرى المماثلة لها تجذب السائح ليستمتع بما يحلو له ولأسرته، ولاسيما في المواسم الصيفية من كل عام.
وكان سوق عكاظ ملتقى للعرب يفدون إليه من أماكن متباعدة فتدور بينهم منازعات قبلية ومشادات ومفاخرات شعرية ساعدت على صهر قرائح الكثير منهم فأثروا الساحة الشعرية بغر قصائدهم عميقة المعاني متينة السبك والأسلوب، فأصبحت موردا ومنهلا عذبا لمن بعدهم من الأجيال اللاحقة المتتابعة إلى يومنا الحاضر يستشفون من معانيها الكلمات الجزلة، والأخيلة الضافية التي تجمل ما يكتب من شعر ونثر، فجو تلك العصور جو عراك وتحد، وقد يتطرقون إلى الهجاء المر كما رد حسان بن ثاب على أمية بن خلف الخزاعي بهذا البيب:
سأنشر إن حييت لكم كلاما
يُنشّر في المجامع من عكاظ
فالهجاء لدى العرب الأوائل كالقذائف الحارقة وقعا على النفوس، وبعض الشعراء يهول وصف المعارك القتالية التي تدور رحاها في هاتيك الأجواء الصاخبة التي يموج بعضهم في بعض، كقول عاتكة بنت عبدالمطلب بن هشام من غبار التعارك والقتال:
بعكاظ يُغْشى الناظرين
إذا همُ لمحوا شعاعه
وبهذه المناسبة السعيدة مناسبة افتتاح سوق عكاظ لا يسعني إلا أن أكرر شكري وتقديري لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة على ما أولاه من حفاوة وتكريم لضيوف افتتاح سوق عكاظ، مثنيا بتقديري وحبي لمعالي الشيخ - فهد بن عبدالعزيز بن معمر على كرمه، وحسن استقباله للضيوف، ومتابعته المستمرة لتنفيذ البرنامج السياحي وزيارة الأماكن والمعالم البارزة بمحافظة الطائف، وجميع العاملين والمشاركين في جميع الأنشطة الثقافية والشعر، مكررا شكري وتقديري للجميع.
- حريملاء