قرأت مقالاً للكاتبة «رقية الهويريني» في عدد الخميس 6 ذي القعدة ذي الرقم 13895 عن رياضة المشي تلك الرياضة التي ما زال مجتمعنا يحتاجها ويحتاج للتوعية فيها في ظل الانفتاح الكبير على الغذاء وعدم التوازن فيه مما سبب ترهلاً في الأجسام وانتفاخاً في البطون واكتناز الشحوم وما كثرة مرضى القلب ومرضى الروماتيزم المصابين في ركبهم إلا مصداقٌ لذلك متناسين وغافلين عن الفوائد الجمة لهذه الرياضة الممتعة وقد كانت كاتبتنا القديرة مصيبة حين أشارت في ثنايا مقالها إلى ذلك بقولها: «يمكن استنباط حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على كثرة الخطى للمساجد وما فيها من الأجر، وليس المقصود التكليف على الناس بقدر الترغيب في المشي، وبذل طاقة تعود على الجسد والنفس بالخير» ولعلي أعرض شيئاً من تجربتي في رياضة المشي والتي تؤيد ما عرضته الكاتبة من فوائد طيبة للمضي فذات مساء حصل اضطراب في باطنيتي منعني النوم ليلاً متقلباً على فراشي فراجعتُ أحد الأطباء في المستشفى فشخص العرض أنه قولون فأشار علي أن أمشي ما استطعت فأخذت بوصيته وخرجت من بيتي لصلاة الفجر في المسجد والذي يبعد عن بيتي مسافة ربع ساعة ذهاباً ومثلها إياباً وأثناء المشي أحسست براحة في معدتي وبعد وصولي للبيت اختفى الألم ولم يعد حتى اللحظة بفضل الله، وتعكّر مزاجي ذات عصرٍ وأحسستُ بشيء من الضيق فحين رفع المؤذن النداء لصلاة المغرب قررتُ أن أذهب إلى المسجد ماشياً فذهبتُ فسبحان الله قبل وصولي للمسجد تعدل المزاج وزال القلق فكم لله علينا من نعمة! وأعرفُ بعض المصلين يخرجون إلى المساجد البعيدة عن بيوتهم مشياً على الأقدام مستغلين الطريق في حفظ القرآن ومراجعته وقد أكبرتُ ذلك ذات يوم في رجلٍ شيخٍ فاضل يصل عمره إلى الستين أو يزيد ذاكراً لي صنيعه الطيب رغبةً منه في استفادتي وتوجيهي لهذا المشروع الرياضي الماتع؛ إذ المشي يُصفي الذهن وينشط الذاكرة ويساعد الإنسان على مزاولة ما لديه من إبداع فهناك شاعرٌ يكتب قصيدته وهو يمشي ومثقف يقضي وقته مستمتعاً مع كتابه الذي يحتضنه بين يديه وصديقٌ يتبادل مع صديقه أحاديث الأنس وغيرهم الكثير غير عابئين بتعليقات من جهلوا فوائد هذه الرياضة الرائعة وقد حدثني أخٌ عزيز يمارس هذه الرياضة عن تجربته الثرية في المشي والتي تزيد عن ثلاثين سنة أنه لم يدع هذه الرياضة المحببة إلى نفسه إلا في حالاتٍ نادرة وقال: إنه مستفيدٌ منها جداً في صحة قلبه وسلامة رجليه وركبه ونقاء مزاجه من الشوائب حيث يمارسها قبل النوم فيخلد إلى النوم هانئاً متعه الله بالصحة والعافية وكل قارئ لهذه الحروف - وقال: أجدني عاجزاً عن التعبير عما وجدته من منافع في هذه الرياضة.
ولعلي قبل أن أختم تعقيبي أشير إلى أنه يحسن بمن يمارس رياضة المشي أن يتأدب بآداب الإسلام مفشياً السلام آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر غاضاً بصره صائنا لسانه عن إيذاء المسلمين وأختم باقتباس عبارة كاتبتنا القديرة مشاركاً إياها في الرجاء (ولعلكم بعد قراءة المقال ستنشطون للقيام بهذه الرياضة اللطيفة المناسبة لجميع أفراد المجتمع وطبقاتهم الاقتصادية) شاكرٌ لها هذه الإضاءات الطيبة من خلال هذه الزاوية الأثيرة ذات العنوان البهي «المنشود» التي أتشرف بمتابعتها ناهلاً من معينها العذب ودمتِ ودام يراعكِ منارة خيرٍ ومشعل هدى.
عبدالله بن سعد الغانم - تمير