|
تحقيق - منيف خضير
عشرات المواقع والمدونات تحتضنها الشبكة العنكبوتية، الأدباء والإعلاميون وغيرهم ركبوا الموجة، بعضهم مقلد.. فالموضة تتطلب ذلك.. وبعضهم مفيد ومستفيد، في هذا التحقيق نتساءل: إلى أي مدى تسعى هذه المواقع لمزاحمة المواقع الإلكترونية الأخرى، وهل ستكون بديلاً يغني عن الصحافة الورقية؟.. وأخيراً لماذا الهروب إلى فضاء الإنترنت؟
أتواصل مع قرائي وطالباتي
البروفيسور ليلى زعزوع (كاتبة وأكاديمية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة) تقول عن أهمية التقنية:
التقنية الحديثة سريعة تذهلنا كل يوم وتتسارع فلا بد من التطوير، ومن لديه موقع نجد أنه يزوده بالروابط مثل المدونة وفيس بوك وتويتر وفليكرز للصور وغيره.. وتضيف:
مع الأسف المواقع الصحفية لم تلاحق مواقع الكتاب فهناك مادة ثرية جداً يمكن الاستفادة منها، فعلى سبيل المثال أضع في موقعي مؤلفاتي وشرحاً عنها، بالطبع دون رقابه لرأيك ولآراء غيرك، بل حتى الممنوع من النشر يُنشر، وعن موقعها قالت:
موقعي وسيلة تفاعل يعرف الكاتب رد قرائه.. لكن المشكلة أن بعض الصحف لا تقبل أن يكون للكاتب موقع شخصي يسحب زواره.. لذا ترغب في أن تحتفظ بهم في موقعها.
وعن تقليد الغير رفضت ذلك وقالت:
لا.. طبعاً موقعي من عشر سنوات قبل أن يظهر عدد كبير من الصحف على النت، وموقعي أتفاعل بواسطته مع طالباتي عندما لم تكن هناك مواقع إلكترونية للجامعات.
وعن الصحافة الورقية والرقمية قالت:
صحافتنا وجدت موقع قدم على النت.. وهي في ازدياد في التطوير له كل فترة وأخرى.. لكنني أجد الآن في مجتمعنا العربي الصحف الورقية سيدة الموقف لأن الشعب لا يملك التقنية والاتصال فلننتظر قليلاً صحف أمريكا بعضها أصبح قراؤه يدفعون لقراءته بالنت، وأوجه نصيحة للاتصالات والحكومات العربية بخفض أسعار الاتصال والنت وتسهيل الأمور الإلكترونية في المدارس والهيئات لنجعل النت في كل منزل.. نحن نريد مجتمعاً معرفياً منافساً.. وليس مجتمعاً متفرجاً.
ليست صحفاً أخرى
الإعلامية والأديبة ثريا نافع قالت عن مواقع الكُّتاب والصحفيين على الإنترنت:
ليس بالضرورة أن تكون صحفاً أخرى.. ولكنها صندوق لحفظ مقالات الكاتب أو الصحفي مع قدرته على التعبير الحر في حالة رفض الجرائد نشر مقالاته فلديه مساحته الخاصة ومن يتفاعل معه من خلال الموقع وتضيف:
بالنسبة لموقعي هو موقع شخصي بحيث أنشر فيه إصداراتي الخاصة ومقالاتي ومنذ أن كان على الشبكة وأنا أحاول تطويره ما بين الحين والآخر وأحاول أن أضيف بعض الزوايا التي لم تكن موجودة وبخاصة المنتديات رغم خطورتها وعدم استطاعة السيطرة عليها أحياناً.
وعن أهمية الحرية الفكرية والبعد عن الرقابة قالت:
بالطبع ففي موقعك أنت سيد نفسك تنشر فيه ما تشاء وأنت هنا رقيب نفسك وليس لآخر أن يتعدى على حرية تعبيرك هنا لأنك تقف في منطقتك فقط.
وقد كان هدفي الوحيد هو البعد عن مقص الرقيب وإتاحة الفرصة لنفسي ولمن يتتبع خطواتي بأن نكون في مناخ يضج بالحرية والاحترام، وهذا أفاد بعض الأصدقاء والزملاء الذين يذهبون إلى الموقع مباشرة وينشرون بعض المقالات الموجودة على مدوناتهم ومواقعهم وهذا شيء يبعث على السرور.
الإنترنت لخدمة الكتاب
الإعلامي والأديب الفلسطيني محمود شقير تحدث عن فكرة موقعه الشخصي على الإنترنت فقال:
أنا أتعاطى مع موقعي بأكثر الأشكال بساطة.. ما يهمني في الأساس أن أنشر نماذج من كتاباتي القصصية ومقالاتي الأدبية والسياسية، وكذلك الحوارات التي يجريها معي صحافيون ومحررون ثقافيون.
أنا معني في الأساس بأن يزداد الإقبال على كتبي، ولست أملك وسيلة قياس مناسبة للقول إن من يعجبون بكتاباتي على الإنترنت يذهبون إلى المكتبات للبحث عن كتبي.. أعتقد أن ثمة مواقع إلكترونية عامة تنشر لكتاب غير موهوبين، وثمة من يصفق لكتاباتهم التي لا تستحق التصفيق.
وعن فكرة مواكبة الزملاء في إنشاء موقع على الإنترنت بين الموضة والحاجة أجاب الأستاذ شقير:
حينما أنشأت موقعي على الإنترنت لم يكن هاجس الموضة هو الذي شجعني على ذلك، وإنما الإحساس بأن الإنترنت وسيلة نشر مهمة ولها جمهورها، ولا بد من التعامل معها.
وكما أسلفت يظل الكتاب هو الأساس، والصحيفة الورقية هي الأساس، ومع ذلك لا بد من تعايش مثمر بين وسائل النشر الورقية وتلك الإلكترونية.
الأستاذة - أمينة عبد الله (كاتبة صحفية قطرية) قالت عن فلسفتها في موقعها ومدونتها الإلكترونية:
اقتصرت أفكاري على تغطية نشاطاتي الإعلامية والكتابية.
وعن معاناة كثير من الكتاب والصحفيين من تدخل رؤساء التحرير رقابياً أردفت قائلة:
نعم كثيراً ما تعرضت لذلك ولكني في مدونتي أنزلها كاملة مع ذكر أحداث الحذف والنقاش إن وجد من باب التنفس وإعلان الحرية والدفاع عن الحق.. وقد بدأت فكرة إنشاء موقع إلكتروني على الإنترنت في 2005 وأنشأته في 2006 وكانت أهم أهدافه هو الخروج عن الحدود المفروضة عليَّ من قِبل المطبوعات أو الجهات التي أعمل وأكتب بها، وللخروج عن تحديد مواضيع الكتابة حيث إنني تخصصت في المجلة في الثقافة والأدب الشعبي.. وأنا لست شاعرة شعبية.. وفي الجريدة حصرت في ملفات الأعمدة المحلية، أوجدت المدونة لأكتب ما أريد وأعكس إنسانيتي كما هي والأهم لأحصل على الحرية الفكرية، أشعر دائماً بفوضى العالم من حولي في كل شيء وفي عالمي أحاول ترتيب الأشياء حولي لي وللآخرين بكتابة أحاسيسي وإنسانيتي وأفكاري بتجرد ولو أني اضطررت إلى الترميز والغموض للخروج من سطوة أخرى وهي سطوة المجتمع.
وعن محدودية قراء الإنترنت مقارنة بالصحف الورقية قالت أمينة عبد الله (كاتبة قطرية):
لا أوافقك الرأي إذ إني أرى الإنترنت أكثر اطلاعاً وإقبالاً.. ربما لأننا لا نملك ثقافة القراءة، والإنترنت عالم مفتوح وجاذب وأكثر سهولة.
الإنترنت يخفي عيوبنا
أما عن أسباب إنشاء الموقع تقول الأستاذة أمينة:
هناك أسباب عدة منها زيادة الانتشار والتعريف بالاسم أكثر لرواد الإنترنت، في الموقع تبقى المواضيع ولا تنتهي إلا بانتهاء الموقع عكس الصحف التي تنتهي بمجرد قراءتها، والأهم من هذا كله التعريف بشخصي وإنسانيتي وأفكاري واهتماماتي وهمومي.
والمواقع الشخصية انعكاس للإنسان بغض النظر عن مهنته، ربما لها أهداف ومصالح أخرى هي تختلف من كاتب لآخر ومن صحفي للثاني، وبالنسبة لي (في موقعي الإلكتروني) حرَّكتني الحاجة الفعلية لاستحداث عالمي الفكري الخاص كان هذا أكثر من أنه مجرد موضة.
وعن عيوب ومميزات المواقع الإلكترونية للكتاب والصحفيين تضيف قائلة:
أغلبها تتجمل بما ليس فيها.. حيث يسعى البعض منهم لأن يكون الكمال الإنساني، يخفي عيوبه ويبالغ في حسناته وكأنه ملاك منزل من السماء، ولكن رغم ذلك أراها ظاهرة صحية لأنها ساعدت الإنسان العربي على التنفس بعيداً عن الرقابة أو السلطة.. أهم ما يميزها التعبير عن الذات وتسهيل الوصول إلى الأهداف.
الأستاذة - فاتنة نورس مزيد (كاتبة سوريّة) لا يزعجها مقص بعض رؤساء التحرير وتقول عن موقعها:
لا أجد أبداً أنني محاصرة بأي شيء أنا شخصياً، لأنني أنتج لنفسي كل أعمالي وأقوم بنشر كل شيء إلكترونياً (بعد تسجيله عبر المديرية المخصصة لنا ك (كُتَّاب) خوفاً من الاقتباس أو السرقة)، أما بالنسبة للرقابة ورئيس التحرير فهو يقوم بعمله كما يقوم أي صحفي أو كاتب بعمله.. وفي موقعي لا أواجه أي صعوبات في إنشائه لأنني أنا أعمل بنفسي على برمجته وتصاميمه، وقد بدأت فكرة الموقع من حوالي السنتين.. وكان هدفي زيادة عدد القراء، والانتشار الإلكتروني وجدته أكثر صراحة في تعليق أي قارئ، وهدفي حالياً من الموقع تركه مفتوحاً مدى الحياة ليبقى ذكرى جميلة لي في حياتي بعد مماتي، وبالتأكيد أهدف منه حالياً جذب قراء أو حتى الوصول للقراء حتى لو عن طريق الصدفة.
أنا فعلاً بحاجة لموقع إلكتروني على الأقل يعرّف عني من أكون وما هي أعمالي.. لكنني لا أنكر أنها موضة، لكنها أصبحت إحدى حاجات القارئ الشاب في جلب الكتاب إلكترونياً قبل أن يفكر في شرائه مطبوعاً.
وقالت عن عيوب المواقع هي سرقة المحتوى للكاتب الذي لم يسجل كتاباته في المديرية الخاصة في وزارة الثقافة لحماية حقوق الكاتب، أما مزاياها فهي CV تعريف دائم للكاتب أو الصحفي.
لم تنضج بعد
الروائية والإعلامية السعودية سمر المقرن أكدت أنها تحرص على توليد أفكار إبداعية في موقعها الشخصي على الإنترنت وتقول:
لا شك أنني أحرص في موقعي على توليد الأفكار الإبداعية في مجال الصحافة وأن نبحر سوياً في بحر الإبداع، فأنا صحفية أحترم مهنتي، لذلك حرصت على استحداث بعض من الزوايا في الموقع مثل ردود وتفاعلات وسجل الزوّار ومواقع صديقة.
وتضيف:
في موقعي حرية الرأي والفكر والصحافة دون تعرضها للبتر، موقعي وجد ليكون تربة خصبة لقلم حر مداده الحرية الهادفة، وهذه التربة هي آتية من الصحف التي أكتب بها، فزواياي تنشر في موقعي الشخصي لتكون أرشيفاً خاصاً بي ولمن يرغب بالاطلاع أو البحث.
فأنا حريصة كل الحرص على وجود جميع أعمالي الجديدة على الموقع أولاً بأول.
وعن هدفها من الموقع أضافت سمر المقرن:
يساهم في وصول جديد أعمالي للجميع بشكل أسرع، ويكون موقعي مرجعاً سهل الوصول إليه وهو امتداد للصحافة الورقية، فمع إيماني العميق بالصحافة الإلكترونية إلا أنني ما زلت أنظر إلى أن هذه التجربة لم تنضج بعد، أتمنى أن تسير الصحافة الإلكترونية على أخلاقيات المهنة دوماً.
والمواقع الإلكترونية ثورة إعلامية مستقبلية ولن تمضي سنوات قليلة إلا وتحتل المرتبة الأولى، لذا لا بد أن نستقرئ الغد ونبحث عن مكان ومكانة لنا هناك لا أن نعيش في الماضي.
صحافة موجهة
طالب فداع الشريم (كاتب وباحث أكاديمى) يرى أن المواقع الإلكترونية نوعان ويقول:
موقع متعدد الاستخدامات والزوايا وهذا يحتاج مجموعة كبيرة من العاملين عليه لإخراجه بالصورة التي تواكب الأحداث من خبر وصوت وصورة وزوايا وروابط مختلفة، وموقع إلكتروني شخصي سهل الاستخدام يقوم عليه الشخص المعني به وله وحدة حرية الإضافات التي يراها عن طريق لوحة التحكم الخاصة به ويتميز ببساطة الاستعمال وتحقيق الهدف المنشود.
وعن الرقابة يقول الشريم
أحد أهم أسباب القضاء على الاستقلالية الفردية بالرأي والفكر والتي بدونها لن نتطور ولن تتقدم ولن نواكب ثورة الاتصال وحرية الرأي.. فالمجتمعات الأكثر حراكاً مع الحرية المنضبطة هي من تتغلب على المألوف والمكرر.
والصحافة الورقية ستبقى ولكن بجوانب اجتماعية لا غنى عنها، فالتواصل معها ضرورة ولكن الصحافة الإلكترونية أصبحت مراجع متاحة لكل باحث للعودة إلى الخبر والمعلومة متى شاء وفي أي وقت ومكان.. وبالتالي سيزيد هذا من عدد المطلعين والمهتمين فيها، مع تناقص مطرد في أعداد تلك الأغلبية التي لا تتعامل مع الإنترنت في المستقبل القريب.
وعن فوائد مدونته يقول:
أهم الفوائد التوثيق الآمن الذي لا يعتريه الإهمال والنسيان وبالتالي إمكانية دراسته على فترات في سبيل التطوير، مع توفر ميزة التفاعل مع الآخر.
ويطالب الشريم بالعودة إلى التأصيل ويقول:
أرى أن العودة إلى الكتاب أهم أسباب التنوير في تقصي الظواهر وبالتالي إصدار رأي يشفع للقارئ باتباعه والاستزادة منه فكرياً وثقافياً.. فلا تقنية بدون بحث ورؤية علمية.. ولا علوم تصل بدون الاستفادة من الثورة التكنولوجية.